واشتغل نتنياهو على إعداد وتنقيح هذه الوثيقة طوال عدة أشهر، وحسب مصادر غربية، فإن بيبي كتبها بالتشاور مع كبار مسؤولي الدفاع والأمن الحاليين والسابقين في البلاد.
وهذه هي المرة الثانية التي تحدد فيها إسرائيل "المفهوم الأمني القومي" للدولة، إذ كان أول من صاغ هذا المفهوم مؤسس الدولة، وأول رئيس وزراء دافيد بن غوريون، الذي يوشك نتنياهو على أن ينتزع منه لقب صاحب أطول فترة في منصب رئيس الوزراء.
وتمثل وثيقة نتنياهو تغييرا جذريا في المفهوم الأمني لإسرائيل، وهي انعكاس كامل للسياسة الدولية، وخاصة الأمريكية تجاه تل أبيب، كما تمثل تغييرا جذريا في سياسته إزاء الفلسطينيين، إذ يسعى فيها إلى إعادة تعريف المفاهيم الأساسية، مثل حل الدولتين الذي يتجاهله تماما، ومبدأ الأرض مقابل السلام، الذي لم يعد يأتي على ذكره أبدا، إذ أن "تراكم التهديدات" التي تواجهها إسرائيل يتطور على مر السنين.
وتحتوي وثيقة نتنياهو تصورا واضحا لبناء القوة، كما تحتوي بشكل أساسي على تعريف للتهديدات.
ويقول نتنياهو في وثيقته التي لم يكشف عنها حتى الآن، إنه من الآن فصاعدا ، سترتبط ميزانية الدفاع بالناتج القومي لإسرائيل، وستشمل على الأقل 6 في المئة منه.
وهذا الربط بين الإنفاق الوطني على الإنتاج والدفاع غير مسبوق ويتناقض مع الاتجاه الواضح في محاولة تخفيض الإنفاق الدفاعي مقارنة بالناتج القومي الإسرائيلي، الأمر الذي سيؤدي إلى تسارع النمو واستمرار التنمية الاقتصادية، وليس تقليص الإنفاق الدفاعي، وهو أمر يناقض فيه نتنياهو معظم الاقتصاديين.
فبينما ينادي هؤلاء بتخفيض رأس المال المبذول على المسائل الأمنية، يقول هو إنه ينبغي زيادة الإنفاق الدفاعي، لأن وجود "قبة حديدية" قوية من شأنه أن يمكن الاقتصاد من الحصول على أرض مستقرة لا يتزعزع فيها النمو والتطور.
وحسب الوثيقة يعتزم نتنياهو استثمار أموال إضافية في الإنترنت، وتحويل إسرائيل إلى "قوة عظمى" في هذه المنطقة.
وتشمل مجالات الاستثمار الإضافية الانتهاء من دائرة التعاريف والعقبات حول إسرائيل، والاستثمار في أنظمة اعتراض الصواريخ متعددة الطبقات، واقتناء عدد كبير من صواريخ الاعتراض، وحماية الجبهة الداخلية من الهجمات الصاروخية أو الزلازل، وذخيرة القوات الجوية المتطورة، والصواريخ على نطاق واسع.
ويرى خبراء الأمن، أن هدف نتنياهو ليس تعزيز أمن إسرائيل، بقدر ما هو سعي منه لتقديم نفسه حامي حمى إسرائيل وراعيا لأمنها.
ويؤكد الخبراء أنه لا يخاف من التهديدات المتزايدة ضد إسرائيل بسبب الاتجاه الواقعي لتراجعها بعد التطبيع السرّي والعلني، ولكن من التهديدات السياسية الداخلية التي شعر بها خلال الانتخابات الأخيرة من بني غانتس رئيس الأركان السابق الذي نافسه بحدة على منصب رئيس الوزراء.
ويقول أحد المنافسين السياسيين لنتنياهو: "على هذا النحو ربما ينوي البقاء هنا حتى عام 2030 على الأقل، وليس هناك من يعرف ما إذا كان هذا يدعو إلى الضحك أم يستدعي بكاء الإسرائيليين والعرب أجمعين".
المصدر: صحف ومواقع إسرائيلية