ومنذ اكتشاف الأشعة الكونية في أوائل القرن العشرين، عمل العلماء على كشف مصدر الجزيئات التي "تقصف" كوكبنا، ولم تكن المهمة سهلة، حيث أن الأشعة الكونية مشحونة كهربائيا ولا يمكن تعقب مسارها بعد اتصالها بالعديد من المجالات المغناطيسية في الفضاء.
وهنا جاء النيوترينو ذو الطاقة العالية لإنقاذ الفلكيين، وهو جسيم دون ذري شبيه بالأشباح، لا يمتلك شحنة كهربائية، وفي معظم الحالات لا يتفاعل مع المواد الأخرى على الإطلاق، ما يجعل رصده شبه مستحيل، ولكن إذا تم ذلك، فيمكن تتبعه بشكل موثوق إلى مكانه الأصلي أثناء سفره في خط مستقيم.
وفي سبتمبر الماضي، استطاع مرصد "IceCube Neutrino Observatory" القريب من القطب الجنوبي اكتشاف واقتفاء مسار نيوترينو وحيد، باستخدام مجسات ضوئية بلغ عددها 5160، في عمق الجليد القطبي الشمالي.
وفي أقل من دقيقة بعد اكتشاف الجسيم الذي يسافر بسرعة تقارب سرعة الضوء، طلب المرصد من علماء الفلك في جميع أنحاء العالم توجيه تلسكوباتهم إلى حيث يبدأ النيوترينو رحلته.
وتم تتبع مسار "جسيم الأشباح" إلى بقعة في السماء بالقرب من كوكبة أوريون، حيث عثر على مصدر ضخم لأشعة غاما، وهي مجرة تعرف باسم "بلازار"، أي نجم زائف متوهج.
ويدعي العلماء في برنامج "IceCube Francis Halzen"، من جامعة ويسكونسن-ماديسون، أن اكتشاف الجسيمات الشبيهة بالأشباح، يمكن أن يوفر طريقة جديدة تماما للنظر إلى الكون. ويشير اكتشاف النيوترينو، المنشور في مجلة Science العلمية، إلى أصل واحد محتمل، وهو نفاثات قوية من الجسيمات المسرعة التي تطلق من أقطاب الثقوب السوداء الهائلة سريعة الدوران. وحتى الآن، كان أصل الأشعة الكونية عالية الطاقة لغزا للعلماء.
وتأكد العلماء من أن واحدا من أقوى "البلازارات" المعروفة في مجرة "TXS 0506+056" على بعد 4 مليارات سنة ضوئية من الأرض، هو أصل الأشعة الكونية.
ويمكن لهذا الاكتشاف الذي أعلن عنه، الأربعاء 11 يوليو، في مجلة "ساينس" أن يسمح في يوم ما للإنسانية بدراسة مصادر الطاقة الأكثر بعدا وقوة في الكون بطريقة جديدة تماما.
وقال جريج سوليفان، من جامعة ماريلاند، والذي شارك في مشروع "IceCube" إن البحث في "جسيم الأشباح" سيستمر وسيتم توسيعه، حيث يخطط العلماء لبناء كاشف نيوترينو أكبر من مرصد IceCube Neutrino Observatory.
المصدر: RT