مباشر

سر مذهل للحيوانات المنوية.. طفرات مختارة مسبقا قد تنقل أمراضا للأجيال!

تابعوا RT على
توصلت دراستان علميتان رائدتان، نشرتا في دورية "Nature"، إلى كشف علمي مذهل يسلط الضوء على أحد الأسرار العميقة للوراثة البشرية.

فقد اكتشف الباحثون أن الطفرات الجينية في الحيوانات المنوية لا تقتصر على كونها تغييرات عشوائية، بل تخضع لعملية انتخاب طبيعي داخل الخصيتين، ما يؤدي إلى نتائج صحية محددة للأطفال والأجيال القادمة.

واعتمد هذا الاكتشاف على منهجين بحثيين متكاملين، حيث قام الفريق الأول بدراسة مباشرة للطفرات في الحيوانات المنوية نفسها، بينما اتجه الفريق الثاني إلى تحليل وراثي أوسع شمل الحمض النووي لأكثر من 54 ألف عائلة مكونة من أب وأم وطفل، بالإضافة إلى 800 ألف فرد سليم. وقد توصلت الدراستان معا إلى نتيجة مذهلة مفادها أن هناك أكثر من ثلاثين جينا تمنح الطفرات فيها الخلايا المنوية ما يشبه "الميزة التنافسية"، فتزيد فرصتها في الوصول إلى البويضة وإتمام عملية التلقيح.

والأمر الأكثر إثارة في هذا الاكتشاف هو الحجم الهائل لهذا التأثير، حيث يمكن لهذه الطفرات المختارة أن ترفع معدل الطفرات في الحيوانات المنوية إلى 500 ضعف المعدل الطبيعي. وهذا يقدم تفسيرا علميا واضحا لظاهرة كانت تحير الباحثين طويلا: كيف تظهر أمراض وراثية نادرة لدى أطفال يكون آباؤهم أنفسهم غير حاملين لهذه الطفرات في خلاياهم الجسدية الأخرى؟.

ويكمن السر في البيئة الديناميكية داخل الخصيتين، حيث لا تعمل آليات الانتخاب الطبيعي لصالح الصفات المفيدة فقط، بل قد تفضل في بعض الأحيان طفرات ضارة تمنح الخلايا المنوية قدرة تكاثرية أكبر. وقد أكدت النتائج بشكل قاطع أن خطر انتقال هذه الطفرات يزداد بشكل مطرد مع تقدم عمر الأب، ما يعني أن التأجيل المتزايد للأبوة في المجتمعات الحديثة يحمل في طياته مخاطر وراثية غير منظورة.

وهذا الاكتشاف يتحدى المفاهيم التقليدية التي كانت سائدة لعقود، حيث كان الاعتقاد السائد أن الخط الجرثومي محمي بشكل جيد بسبب انخفاض معدل الطفرات فيه. لكن الحقيقة التي كشفت عنها هذه الأبحاث أن الجهاز التناسلي الذكري هو ساحة تنافس حية، قد تخرج منها منتصرا طفرات تحمل أمراضا لأجيال قادمة.

ومن الناحية العملية، يفتح هذا الكشف العلمي آفاقا جديدة في مجال الاستشارات الوراثية وتقييم المخاطر الإنجابية، كما يقدم أدوات أفضل لفهم كيفية انتقال الأمراض الوراثية عبر الأجيال. وقد عبر الباحثون عن تفاؤلهم بإمكانية استخدام هذه المعرفة الجديدة في تطوير أساليب للوقاية من أمراض وراثية عديدة، بالإضافة إلى فهم أعمق لكيفية تأثير العوامل البيئية وأساليب الحياة على الصحة الوراثية للأجيال القادمة.

المصدر: scitechdaily

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا