يعتبر العمر من أهم العوامل المؤدية إلى الإصابة بالسرطان، حيث تتراكم الطفرات الجينية في الخلايا مع مرور الوقت، ما يساهم في تطور المرض.
ومع ذلك، تقدم الدراسة الجديدة فهما أعمق حول كيفية تأثير الشيخوخة على بيولوجيا السرطان، مشيرة إلى أن التقدم في السن قد يكون له أيضا دور وقائي ضد بعض أنواع السرطان.
وأجرى باحثو مركز Memorial Sloan Kettering للسرطان (MSK) دراستهم على نموذج فأري معدل وراثيا لسرطان الغدة الرئوية (أحد أنواع سرطان الرئة الشائعة).
ويقول الدكتور شويكيان تشوانغ، المعد الأول للدراسة وزميل ما بعد الدكتوراه في مختبر المعد الرئيسي الدكتور توماس تاميلا: "نعلم أن خطر الإصابة بالسرطان يزداد مع تقدم العمر، لكننا ما زلنا نجهل الكثير حول كيفية تأثير الشيخوخة في بيولوجيا السرطان".
ويضيف تشوانغ أن سرطان الرئة يتم تشخيصه عادة لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 70 و75 عاما، لكن بعد سن الثمانين، يبدأ معدل الإصابة بالسرطان في الانخفاض.
وتوضح الدراسة أن الخلايا المسنّة تفقد قدرتها على التجدد، وهو ما يحد من النمو غير الطبيعي الذي يحدث في السرطان. وهذا الاكتشاف يسلط الضوء على الدور الهام للحديد في قدرة الخلايا المسنّة على التجدد، حيث يعتقد الباحثون أن العلاجات التي تستهدف استقلاب الحديد قد تكون أكثر فعالية لدى الأشخاص الأصغر سنا.
ووجد الباحثون أن الفئران الأكبر سنا تنتج كميات أكبر من البروتين المسمى NUPR1، ما يجعل خلاياها تعمل كما لو كانت تعاني من نقص الحديد، على الرغم من وجود كميات كبيرة من الحديد في خلاياها. وهذا الفقدان الجزئي في قدرة الخلايا على التجدد مرتبط بانخفاض معدل الإصابة بالسرطان لدى الفئران الأكبر سنا.
كما أظهرت التجارب أن هذا التأثير يمكن عكسه عن طريق إعطاء الفئران المزيد من الحديد أو تقليل مستويات NUPR1 في خلاياها، ما يعيد لها قدرتها على التجدد. ومع ذلك، فإن هذا التدخل قد يزيد أيضا من فرص الإصابة بالسرطان.
وتفتح هذه النتائج الباب أمام أبحاث جديدة في العلاجات القائمة على الحديد.
ويقول تاميلا: "إعطاء الحديد يمكن أن يساعد في تجديد الخلايا المسنّة، وهو ما قد يكون مفيدا للأشخاص الذين يعانون من ضعف في وظائف الرئة، خاصة بعد الإصابة بأمراض مثل كوفيد-19".
ومع ذلك، يشير الباحثون إلى أن هذه العلاجات قد لا تكون مناسبة لجميع المرضى، خاصة أولئك الذين لديهم قابلية أكبر للإصابة بالسرطان.
كما أظهرت الدراسة أن الخلايا الأكبر سنا تكون أكثر مقاومة للعلاج الذي يعتمد على موت الخلايا الحديدي، وهو نوع من الموت الخلوي الذي تحفزه مستويات عالية من الحديد. وهذا يعني أن العلاجات التي تستهدف هذا النوع من الموت الخلوي قد تكون أقل فعالية لدى كبار السن مقارنة بالشباب.
ويؤكد تاميلا أن نتائج الدراسة تبرز أهمية الوقاية من السرطان منذ مرحلة الشباب. ويقول: "تظهر بياناتنا أن المخاطر التي نواجهها في سن مبكرة قد تكون أكثر تأثيرا من تلك التي تظهر في مراحل متأخرة من الحياة. لذلك، فإن الوقاية من التدخين والتعرض المفرط لأشعة الشمس أو المواد المسرطنة قد تكون أكثر أهمية مما كنا نعتقد سابقا".
نشرت الدراسة في مجلة Nature.
المصدر: ميديكال إكسبريس