تجربة زرع أول قلب بشري كان أجراها في ذلك اليوم الطبيب الجراح كريستيان برنارد في مستشفى كيب تاون، ونقل خلالها قلب امرأة كانت توفيت في حادث سيارة إلى مريض يدعى لويس فاشكانسكي ويبلغ من العمر 54 عاما. نجحت عملية الزرع الأولى في التاريخ وعاش المريض بلقب جديد لمدة 18 يوما إلا أنه توفى بسبب الالتهاب الرئوي.
هذا الطبيب الجراح الرائد الجنوب إفريقي لم يتجاهل أفضال من سبقوه في هذا المجال ومهدوا له الطريق لها الإنجاز وخاصة العالم التجريبي السوفيتي والمتخصص في الأحياء فلاديمير ديميخوف.
في شبابه قرأ الطبيب الجراح كريستيان برنارد عن عمليتي زرع قلب لكلبين غير مسبوقتين كان قام بهما العالم السوفيتي، وكتب حينها متحمسا قائلا: "أي شيء يمكن لهؤلاء الروس القيام به، يمكننا نحن أيضا القيام به".
علاوة على ذلك قبل أن يجري العملية الأولى في التاريخ لزرع قلب بشري، سافر الجراح كريستيان برنارد إلى موسكو بصفة سائح، والتقى مع العالم السوفيتي ديميخوف وزار مختبره بقبو معهد سكليفوسوفسكي.
تجارب العالم السوفيتي التي تعرف عليها في تلك المناسبة بصورة مباشرة زادت من اقتناع الطبيب الجنوب إفريقي بأن زراعة قلب لإنسان أمر ممكن تماما.
واصل الجراح الجنوب إفريقي عملياته الجراحية الفريدة وقتها، وتمكن بين عامي 1967 – 1974 من إجراء 10 عمليات زرع قلب بشري. من بين مرضاه العشرة، عاش أربعة أكثر من 18 شهرا، واثنان أصبحا من المعمرين.
كريستيان برنارد بقي وفيا لمن سبقه حتى بعد أن حقق ذلك الإنجاز الكبير وأصبح أحد أشهر الجراحين في العالم. عاد مجددا إلى موسكو في ديسمبر عام 1996 للمشاركة في اعمال المؤتمر الروسي الثالث لجراحة القلب والأوعية الدموية، وخاطب المشاركين قائلا: 'لولا قبو معهد سكليفوسوفسكي لما كنت قادرا على القيام بذلك. فلاديمير ديميخوف هو مؤسس زراعة الأعضاء".
فلاديمير ديميخوف "1916 – 1998"، هو عالم تجريبي سوفيتي وروسي ومتخصص في العلوم البيولوجية، يعد أحد الرواد الكبار المؤسسين لعلم زراعة الأعضاء.
بدأ ديميخوف نشاطه في زراعة الأعضاء قبل الحرب الوطنية العظمى "1941 – 1945"، وحين كان طالبا في السنة الثالثة بكلية علم الأحياء، طور أول قلب اصطناعي في العالم، ثم قام في وقت مبكر في عام 1937 بزراعة قلب لكلب. الكلب عاش لمدة ساعتين.
لاحقا واصل العمل على تطوير قلب ميكانيكي اصطناعي، ونجح في عام 1946 في زراعة قلب ثان في كلب، إلا أن أعماله على المستوى المحلي لم تجد وقتها ما تستحق من تقدير واهتمام.
مضى العالم التجريبي السوفيتي على الرغم من الصعوبات والقيود في تحقيق المزيد من الإنجازات الجراحية الفريدة، وتمكن من استبدال المجمع القلبي والرئوي بالكامل، وبعد عامين من ذلك، بدأ تجارب على زراعة الكبد، وبعد بضعة سنوات استبدل لأول مرة في العالم قلب كلب بقلب متبرع، وأثبت بذلك إمكانية إجراء مثل هذه العمليات على البشر.
يجدر الذكر أن أول محاولة لزرع قلب كانت مثيرة للغاية وقد أجراها الجراح جيمس هاردي في الولايات المتحدة في عام 1964. هذه المحاولة الأولى أجريت على منجد أثاث متقاعد يدعى بويد راش وكان يبلغ من العمر 68 عاما. كان المريض في أمس الحاجة لعملية زرع قلب، وقد وقعت شقيقته على موافقة بشأن زراعة قلب، من دون تحديد نوع هذا القلب.
كان المريض بويد راش في حالة حرجة للغاية ولم يتمكن الأطباء من توفير قلب من متبرع بسبب تعقيدات قانونية، فاضطروا إلى زرع قلب شمبانزي في صدره. هذه المحاولة الأولى لزرع قلب لم يحالفها النجاح. قلب الشمبانزي نبض في صدر المتلقي لمدة ساعة ونصف تقريبا ثم توقف إلى الأبد. المهم أن الإنسان لا ييأس، وأعاد رواد عظام في مجال الجراحة المحاولة ونجح الجراح كريستيان برنارد بعد ثلاث سنوات فقط في زرع قلب بشري.
المصدر: RT