وجاء في مقال نشره الباحثون في مجلة PNAS العلمية: "إن ما يسمى بالنواقل الرجعية، وهي أجزاء شبيهة بالفيروسات من الحمض النووي "غير المرغوب فيه"، تشغل ما يقرب من نصف طول جينوم الثدييات بالكامل. وأشار تحليلنا إلى أن تلك النواقل لا تزال في حالة سبات على مدى ملايين السنين، الأمر الذي يشير إلى وجود صلة بين نشاط مناطق الحمض النووي المتنقلة هذه وطول العمر ومقاومة السرطان".
وتوصل إلى هذا الاستنتاج فريق من الباحثين بقيادة أندريه غودكوف، النائب الأول لرئيس مركز "روزويل بارك" لأبحاث السرطان، عند دراسة بنية الجينوم لدى "الفئران الخالدة"، وكذلك فئران المختبر والجرذان والقوارض الأخرى، التي انفصلت أسلافها عن بعضها البعض منذ ملايين السنين. وأراد العلماء معرفة كيف تؤثر عملية تطور هذه الحيوانات على النواقل الرجعية الخاصة بها، وكيف تنتشر النسخ الجديدة من أشكال مختلفة للحمض النووي "غير المرغوب فيه" في جميع أنحاء الجينوم الخاص بها.
ومن أجل دراسة العواقب التطورية والبيولوجية لانتشارها طور العلماء خوارزمية PPG Finder التي تسمح لهم بتتبع ودراسة ما يسمى بالجينات الكاذبة والنواقل الرجعية السابقة التي فقدت القدرة على التكاثر. وباستخدام هذا البرنامج، قارن العلماء كيفية تغير نشاط النواقل الرجعية في جينومات لدى"الفئران الخالدة" العارية والقوارض الأخرى على مدى ملايين السنين الماضية.
وأظهر تحليلهم أن جميع الجينات الكاذبة الموجودة في جينوم "الفئران الخالدة" العارية تحتوي على عدد كبير من الطفرات، ما يميزها ليس عن الفئران والجرذان، فحسب بل عن جميع الثدييات الأخرى، بما في ذلك البشر. وهذا يعني أنه في الحمض النووي لهذه القوارض يقترب مستوى نشاط النواقل الرجعية وتكرار ظهور نسخ جديدة منها من الصفر على مدار عدة ملايين من السنين من وجود هذا النوع.
وحسب الباحثين، فمن المحتمل أن يفسر ذلك سبب عيش "الفئران الخالدة" العارية لفترة أطول بكثير من القوارض الأخرى ذات الحجم المماثل، كما إنها لا تعاني إلا نادرا من السرطان، نظرا لأن كل من عملية الشيخوخة وتكوين الأورام الخبيثة غالبا ما تكون مصحوبة بانتشار متسارع للناقلات الرجعية داخل خلايا الجينوم.
ويأمل الباحثون أن تساعد التجارب اللاحقة على مزارع خلايا "الفأر الخالد" العاري في التأكد من صواب هذه الفرضية عمليا.
يذكر أن "الفئران الخالدة" العارية (Heterocephalus glaber) هي قوارض ملساء دون شعر، تعيش تحت الأرض، وتزن 30-50 غراما. ومنذ نصف قرن لاحظ علماء الأحياء أن هذه المخلوقات تعيش أطول بعشرات المرات من الحيوانات المثيلة. ولا تصاب أبدا بالسرطان.
المصدر: تاس