جاء ذلك فيما نشرته "بلومبرغ"، نقلا عن تلك المصادر، التي وصفت طبيعة المناقشات الخاصة بشرط عدم الكشف عن هويتهم، والذين تابعوا: "سيضع النهج الجديد سقفا لتراخيص التصدير لبعض الدول لصالح الأمن القومي"، وأشارت المصادر إلى أن المسؤولين الأمريكيين ركزوا على دول الخليج "التي لديها شهية متزايدة لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي والجيوب العميقة لتمويلها".
وتابعت المصادر أن المداولات لا زالت في مراحلها المبكرة، وغير واضحة، مشيرين إلى أن الفكرة اكتسبت زخما في الأسابيع الأخيرة. وكان مسؤولون في وزارة التجارة قد قالوا عن هذه اللوائح، الشهر الماضي، إن هناك المزيد من القواعد قادمة، فيما ستعتمد السياسة على إطار عمل جديد لتسهيل عملية الترخيص لشحنات شرائح الذكاء الاصطناعي إلى مراكز البيانات في أماكن مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
ورفض مكتب الصناعة والأمن التابع لوكالة الأمن القومي والذي يراقب ضوابط التصدير، التعليق على الأمر، كما رفضت شركة Nvidia Corp.، الشركة الرائدة في سوق شرائح الذكاء الاصطناعي، التعليق، كذلك رفضت شركة Advanced Micro Devices Inc. وممثل عن Intel Corp.، الذين ينتجون مثل هذه المعالجات، التعليق على الأمر.
كما رفض المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض التعليق على المحادثات، إلا أنه أشار إلى بيان مشترك صدر مؤخرا عن الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة بشأن الذكاء الاصطناعي. وفيه أقر البلدان "بالإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي من أجل المصلحة العامة"، فضلا عن "التحديات والمخاطر التي تفرضها هذه التكنولوجيا الناشئة والأهمية الحيوية للضمانات".
ومن شأن تحديد سقف، على أساس كل دولة على حدة، أن يشدد القيود التي تستهدف في الأصل طموحات الصين في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تدرس واشنطن المخاطر الأمنية المترتبة على تطوير الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء العالم. وبالفعل، فرضت إدارة بايدن قيودا على شحنات شرائح الذكاء الاصطناعي من شركات مثل Nvidia وAMD إلى أكثر من 40 دولة في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا بسبب مخاوف من إمكانية تحويل منتجاتها إلى الصين.
في الوقت نفسه، أصبح بعض المسؤولين الأمريكيين ينظرون إلى تراخيص تصدير أشباه الموصلات، لا سيما بالنسبة لرقائق Nvidia، باعتبارها نقطة ضغط لتحقيق أهداف دبلوماسية أوسع نطاقا. وقد يشمل ذلك مطالبة الشركات الرئيسية بتقليص علاقاتها مع الصين، للحصول على إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا الأمريكية، لكن المخاوف تمتد إلى ما هو أبعد من بكين.
بهذا الصدد قال المدير الأول للتكنولوجيا في مجلس الأمن القومي تارون تشابرا، في منتدى عقد في يونيو الماضي، دون أن يذكر أسماء دول بعينها: "سيتعين علينا إجراء محادثات مع دول حول العالم حول كيفية تخطيطها لاستخدام هذه القدرات. وإذا كان الحديث يدور عن دول لديها أجهزة مراقبة داخلية قوية بالفعل، فعلينا أن نفكر في كيفية استخدام هذه الدول لقدراتها بالضبط لتعزيز هذا النوع من المراقبة، وكيف سيبدو ذلك؟".
وتتابع "بلومبرغ"، على لسان مسؤول آخر في مجلس الأمن القومي، ماهر بيطار، أن هناك أيضا قضية كيفية تأثير تطوير الذكاء الاصطناعي العالمي على عمليات الاستخبارات الأمريكية، حيث يقول: "ما هي المخاطر ليس فقط على أسس حقوق الإنسان، ولكن كذلك فيما يتعلق بالمخاطر الأمنية ومخاطر مكافحة التجسس التي تهدد أفرادنا بجميع أنحاء العالم".
ومن غير الواضح كيف ستتفاعل شركات تصنيع شرائح الذكاء الاصطناعي الرائدة مع القيود الأمريكية الإضافية. وعندما أصدرت إدارة بايدن لأول مرة لوائح شاملة للشرائح للصين، أعادت شركة Nvidia تصميم عروضها الخاصة بالذكاء الاصطناعي لضمان قدرتها على الاستمرار في البيع بتلك السوق.
فإذا مضت الإدارة قدما في فرض قيود على البلدان، فقد يكون من الصعب تقديم سياسة جديدة شاملة في الأشهر الأخيرة من ولاية الرئيس جو بايدن، وقد يكون فرض مثل هذه القواعد صعبا، وستشكل اختبارا رئيسيا للعلاقات الدبلوماسية الأمريكية.
وتسعى الحكومات في مختلف أنحاء العالم إلى تحقيق ما يسمى بالذكاء الاصطناعي السيادي، أي القدرة على بناء وتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، وقد أصبح هذا السعي محركا رئيسيا للطلب على المعالجات المتقدمة، وفقا للرئيس التنفيذي لشركة Nvidia جينسن هوانغ، حيث تعد شرائح Nvidia المعيار الذهبي لمشغلي مراكز البيانات، ما يجعل الشركة الأكثر قيمة حول العالم في مجال صناعة الشرائح والمستفيد الأكبر من طفرة الذكاء الاصطناعي.
في الوقت نفسه، تعمل الصين على تطوير أشباه الموصلات المتقدمة الخاصة بها، ورغم أنها لا تزال تتخلف عن أفضل الشرائح الأمريكية، إلا أن هناك قلق بين المسؤولين الأمريكيين من أنه إذا قدمت شركة Huawei Technologies Co. أو أي شركة أجنبية أخرى ذات يوم بديلا قابل للتطبيق لشرائح Nvidia، ربما بشروط أقل، فقد يؤدي ذلك إلى إضعاف قدرة الولايات المتحدة على تشكيل المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي.
ويزعم بعض المسؤولين الأمريكيين أن هذا الاحتمال بعيد، وأن واشنطن ينبغي لها أن تتبنى نهجا أكثر تقييدا فيما يتصل بصادرات شرائح الذكاء الاصطناعي العالمية نظرا لموقفها التفاوضي الحالي. ويحذر آخرون من جعل شراء التكنولوجيا الأمريكية صعبا للغاية على الدول الأخرى، في حال تمكنت الصين من كسب أرضية واستقطاب هؤلاء العملاء.
وبينما ناقش المسؤولون النهج الأفضل، فقد أبطأوا الموافقات على تراخيص شرائح الذكاء الاصطناعي بكميات كبيرة إلى الشرق الأوسط وغيره من الأماكن. إلا أن هناك علامات على أن الأمور قد تتحرك قريبا، حيث سيتحقق المسؤولون الأمريكيون ويوافقون مسبقا على عملاء محددين بناء على التزامات أمنية من كل من الشركات وحكوماتها الوطنية، بموجب القواعد الجديدة للشحنات إلى مراكز البيانات، ما يمهد الطريق لتسهيل التراخيص في المستقبل.
المصدر: بلومبرغ