واعتقد العلماء بعدم نجاة أي شخص بعد ثوران بركان جبل فيزوف في عام 79 م، لكن الاكتشافات الأخيرة غيرت هذا السرد، مشيرة إلى أن قصة ثوران فيزوف لم تعد قصة إبادة فقط، بل تتضمن أيضا قصص أولئك الذين نجوا من الكارثة واستمروا في إعادة بناء حياتهم.
وتناول فيلم وثائقي جديد من شبكة PBS بعنوان "بومبي: الحفر الجديد" (Pompeii: The New Dig) كيف أنه من المحتمل بشكل كبير أن العديد من سكان المدن - إن لم يكن معظمهم – تمكنوا من الفرار في وقت مبكر بما فيه الكفاية لتجنب مصير البعض الآخر الذين دفنوا تحت الرماد والصخور المقذوفة من البركان.
وفي مقطع دعائي للوثائقي تم إصداره مؤخرا، اكتشف علماء الآثار أطلالا جديدة عثر عليها في بومبي والتي تكشف عن مدينة متجمدة في الزمن.
ومن بين جميع الأنقاض، كشفت الحفارات عن علامات تشير إلى استمرار الحياة بعد الانفجار البركاني، ما يشير إلى أن الناس تمكنوا من النجاة من الكارثة الطبيعية.
وأوضح أحد العلماء في المقطع الدعائي للوثائقي كيف أن هذه النتائج "تضاعفت ثلاث مرات" عما يعتقده الناس عن عدد سكان بومبي.
وتوصف الأدلة الجديدة بأنها "أكبر عملية تنقيب أثرية في بومبي منذ جيل كامل"، وتشير بقوة إلى احتمال هروب السكان.
والبقايا البشرية التي تم العثور عليها سابقا في بومبي لا تمثل سوى جزء صغير من سكانها.
وكانت العديد من الأشياء مثل العربات والخيول والسفن والصناديق القوية مفقودة، ما أدى إلى ظهور نظريات مفادها أن بعض الأشخاص استخدموها للهروب.
ويشير هذا وحده إلى أنه من الممكن أن يكون الكثير من الناس قد فروا في الوقت المناسب للبقاء على قيد الحياة.
ولكن نظرا لأن البحث عن هؤلاء الأشخاص لم يكن أولوية قصوى أبدا، لم يتم تقديم أي دليل يدعم هذه الادعاءات. ومع ذلك، يبدو الآن أنه قد تم تحقيق تقدم كبير.
كما أن البحث المنفصل الذي أجرته شبكة PBS يعزز الادعاءات بوجود ناجين.
وباستخدام طريقة تضمنت البحث عن الأسماء الرومانية الفريدة لبومبي في المجتمعات المحيطة بها بعد ثوران البركان، تم العثور على دليل على وجود أكثر من 200 ناجٍ في 12 مدينة.
وتقع هذه البلديات في المقام الأول في المنطقة العامة لمدينة بومبي، ويبدو كما لو أن معظم الناجين بقوا على مقربة قدر الإمكان من مدينتهم.
وفضلا عن ذلك، فضلوا الاستقرار مع ناجين آخرين، واعتمدوا على الشبكات الاجتماعية والاقتصادية من مدنهم الأصلية أثناء إعادة توطينهم، حسبما تزعم شبكة PBS.
ويضيف التقرير أن بعض الأسر التي هربت، على ما يبدو، استمرت في العيش في مجتمعاتها الجديدة.
على سبيل المثال، استقرت عائلة كالتيليوس في أوستيا، حيث أسسوا معبدا للإله المصري سيرابيس، وتزوج أفراد منهم من عائلة أخرى من الهاربين تسمى عائلة موناتيوس. ويُزعم أنهم أسسوا معا عائلة ممتدة ثرية وناجحة.
ومع ذلك، لم تكن الأمور وردية تماما بالنسبة للآخرين الذين يُعتقد أنهم فروا. فقد انتهى الأمر بالسيدة فابيا سيكوندينا في بوتيولي، ثاني أكثر المدن الساحلية ازدحاما في إيطاليا الرومانية. وتزوجت من مصارع يُدعى Aquarius the Retiarius، لكنها عاشت ضائقة مالية شديدة بعد وفاته عن عمر يناهز 25 عاما.
ونجت ثلاث عائلات فقيرة جدا أخرى من بومبي، عائلات أفياني وأتيلي وماسوري، واستقرت في مجتمع صغير فقير على بعد نحو عشرة أميال شرق بومبي يسمى نوسيريا.
وتأتي هذه المعلومات بعد اكتشاف كتابات على الجدران عمرها ألفي عام، تشير إلى أن معارك المصارعين الوحشية في روما القديمة لم تكن مجرد رياضة للبالغين.
ويعتقد علماء الآثار أن الرسومات رسمها أطفال لا تتجاوز أعمارهم خمس سنوات، ما يشير إلى أنهم حضروا معارك مصارعين دامية في المدينة، وربما كانوا يرسمون ما شاهدوه في محاولة لمعالجة صدمة ما رأوه.
المصدر: ذي صن