ووفقا للأدلة التي عثر عليها العلماء، فإن سبب ارتفاع الكربون المشع هو عاصفة شمسية ضخمة منذ 14300 عام، وهي الأكبر التي تم تحديدها على الإطلاق.
ويقول العلماء إن حدوث عاصفة ضخمة اليوم بحجم هذه العاصفة المكتشفة سيكون "كارثيا" للتكنولوجيا الحديثة.
ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى تدمير أنظمة الاتصالات والأقمار الصناعية، ويتسبب في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع، ويكلف الاقتصاد العالمي مليارات الدولارات.
ويوضح فريق البحث إنه من المهم للغاية فهم السلوك المتطرف للشمس والمخاطر التي تشكلها على الأرض.
والعواصف الشمسية أو المغناطيسية شائعة على الأرض. وتحدث عندما تنفجر الشمس وترسل توهجا هائلا أو انبعاثا كتليا إكليليا. وإذا حدث الانفجار في اتجاه الأرض، فإن تدفقا هائلا من الجسيمات المشحونة سيضرب غلافنا المغناطيسي.
وآثار هذا في الغالب خفيفة جدا. والتفاعل بين الجسيمات وجزيئات الغلاف الجوي يؤدي إلى بعض الشفق المذهل. ويمكنه تعطيل اتصالات الأقمار الصناعية والراديو في نطاقات معينة.
وخلال العواصف الشمسية القوية بشكل خاص (والنادرة نسبيا لحسن الحظ)، يمكن أن يؤدي تأثر المجال الكهرومغناطيسي للأرض إلى إنتاج تيارات يمكن أن تؤثر على شبكات الطاقة.
والميزة الأخرى للعواصف الشمسية هي تأثيرها على الكربون 14 المشع الذي يهطل باستمرار على الأرض.
ويتم إنتاج هذا الكربون المشع في الغلاف الجوي العلوي عندما تتفاعل الجزيئات الكونية مع جزيئات الغلاف الجوي، بحسب المؤلف الرئيسي البروفيسور إدوارد بارد، من كلية فرنسا والمركز الأوروبي للبحث والتدريس في علوم الأرض البيئية (CEREGE).
ويندمج الكربون 14 في الكائنات الحية، مثل الأشجار والحيوانات، ولأنه يتحلل بمعدل معروف، يمكن للعلماء استخدامه لتحديد متى عاشت هذه الكائنات.
ويمكنه أيضا الكشف عن الانفجارات الشمسية التاريخية المخبأة في حلقات الأشجار القديمة.
وقال البروفيسور تيم هيتون، من جامعة ليدز: "العواصف الشمسية الشديدة يمكن أن يكون لها تأثيرات هائلة على الأرض. مثل هذه العواصف العاتية يمكن أن تلحق أضرارا دائمة بالمحولات في شبكات الكهرباء لدينا، ما يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع على نطاق واسع لعدة أشهر. ويمكن أن تؤدي أيضا إلى ضرر دائم للأقمار الصناعية التي نعتمد عليها جميعا في الملاحة والاتصالات، ما يجعلها غير صالحة للاستخدام. إنها ستخلق أيضا مخاطر إشعاعية شديدة على رواد الفضاء".
وعثر العلماء على العاصفة الشمسية التي حدثت قبل 14300 عام في الأشجار المتحجرة داخل الضفاف المتآكلة لنهر دروزيه في جبال الألب الفرنسية الجنوبية.
ووجد العلماء في هذه الأشجار حلقة بها ارتفاع كبير في الكربون المشع، يعود تاريخها إلى نحو 14300 سنة مضت.
وتتوافق تركيزات هذا التوقيع مع ما يسمى أحداث مياكي (Miyake Events)، وهي عواصف مغنطيسية أرضية قوية بشكل لا يصدق.
وبالإضافة إلى هذا الاكتشاف الجديد، تم تحديد تسعة أحداث مياكي (عواصف شمسية شديدة) حدثت على مدار الخمسة عشر ألف عام الماضية.
ووفقا للعلماء فإن أحدث أحداث مياكي المؤكدة سُجلت في عامي 993م و774 م. ومع ذلك، فإن العاصفة التي تم تحديدها حديثا والتي يعود تاريخها إلى 14300 عام، هي الأكبر التي تم اكتشافها على الإطلاق.
ويقول العلماء إن الطبيعة الدقيقة لتلك العواصف ما تزال غير مفهومة بشكل جيد، حيث لم يتم ملاحظتها بشكل مباشر من قبل.
وقال البروفيسور تيم هيتون: "لا نعرف أسباب حدوث مثل هذه العواصف الشمسية الشديدة، أو مدى تكرار حدوثها، أو ما إذا كان بإمكاننا التنبؤ بها بطريقة أو بأخرى".
المصدر: ساينس ألرت