وتوقع خبراء الأوزون في وقت سابق من هذا العام أن الثوران الذي حقن 50 مليون طن (45 مليون طن متري) من بخار الماء في الغلاف الجوي للأرض، من المرجح أن يكون له تأثير على طبقة الأوزون الواقية للأرض في السنوات التالية للثوران.
وارتفعت تركيزات بخار الماء في طبقة الستراتوسفير، وهي ثاني أدنى طبقة من الغلاف الجوي للأرض حيث توجد طبقة الأوزون، بنسبة 10% نتيجة انفجار البركان الموجود تحت سطح البحر. وهذا، وفقا لبول نيومان، كبير علماء علوم الغلاف الجوي في مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا، أدى إلى "تبريد كبير" في طبقة الستراتوسفير، وهو ما يعد خبرا سيئا لمستويات الأوزون.
وتشير البيانات الجديدة الصادرة عن وكالة كوبرنيكوس الأوروبية لمراقبة البيئة إلى أن التوقعات كانت صحيحة على الأرجح. وانخفضت تركيزات الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية إلى مستوى منخفض للغاية في أوائل شهر يوليو.
وقالت وكالة كوبرنيكوس في بيان لها إن مثل هذه البداية المبكرة لتدمير طبقة الأوزون لم يتم تسجيلها إلا حوالي اثنتي عشرة مرة خلال 43 عاما منذ بدء القياسات العلمية. وبحسب البيانات فإن حجم ثقب الأوزون في أغسطس 2023 يحتل المرتبة العاشرة.
ويبلغ حجم الثقب حاليا أكثر من 16 مليون كم مربع (6 ملايين ميل مربع). وسوف يستمر في النمو حتى نهاية شهر سبتمبر تقريبا عندما تبدأ القارة القطبية الجنوبية في الدفء مع انتقالها إلى فترة الربيع. وسيستغرق الثقب حتى نهاية نوفمبر على الأقل ليُغلق، لكنه قد يبقى لفترة أطول من ذلك بكثير.
ويؤدي تبريد الستراتوسفير الناتج عن زيادة تركيزات بخار الماء في الستراتوسفير إلى تكوين السحب الستراتوسفيرية القطبية بشكل متكرر.
ويعتقد العلماء أن هذه السحب القزحية الغريبة التي تتشكل على ارتفاعات تتراوح بين 15 إلى 25 كم (9 إلى 15 ميلا) توفر البيئة الكيميائية المناسبة للمواد المستنفدة للأوزون (ODS) الموجودة في طبقة الستراتوسفير للقيام بعملها المدمر.
وعلى الرغم من أن معظم هذه المواد، مثل مركبات الكلوروفلوروكربون ومركبات الهيدروفلوروكربون التي كانت تستخدم سابقا في بخاخات الأيروسول والثلاجات، محظورة بموجب بروتوكول مونتريال لعام 1987، إلا أن تحللها الطبيعي يستغرق عقودا من الزمن، ولا تزال تركيزاتها في الغلاف الجوي مرتفعة.
وأوضحت فنسنت هنري بيوتش، مديرة خدمة كوبرنيكوس لمراقبة الغلاف الجوي (CAMS)، في البيان أنه على الرغم من أن العلماء لا يستطيعون القول على وجه اليقين ما إذا كان بركان هونغا تونغا هو المسؤولة عن استنفاد الأوزون فوق المتوسط هذا العام، إلا أنهم يأملون في معرفة المزيد من القياسات في الأشهر المقبلة.
مضيفة: "إن قدرتنا على تقديم تحليلات وتنبؤات ثلاثية الأبعاد للأوزون في القطبين هي طريقة قوية لرصد كيفية تطور ثقوب الأوزون في الوقت الحقيقي، ولتقييم الدوافع الرئيسية وراء ما يتم ملاحظته. وهذا يعطينا رؤى حول مدى تأثير أحداث معينة على تطور ثقب الأوزون في القطب الجنوبي هذا العام، مثل ثوران بركان هونغا تونغا-هونغا هاباي العام الماضي والذي أدى إلى زيادة كمية بخار الماء في طبقة الستراتوسفير".
وتعد آثار ثوران بركان هونغا تونغا منطقة جديدة تماما بالنسبة للعلماء، حيث لم يقم أي ثوران بركاني سابق في التاريخ الموثق بضخ الكثير من المياه في الغلاف الجوي.
ومع ذلك، هناك عوامل أخرى تلعب دورا، عندما يتعلق الأمر بالسلوك غير المعتاد لطبقة الأوزون، وفقا لوكالة كوبرنيكوس.
وشهدت السنوات الثلاث الماضية ثقوبا كبيرة جدا وطويلة الأمد في الأوزون، على الرغم من أن تلك الثقوب انفتحت في وقت لاحق من الموسم مقارنة بما حدث هذا العام.
ويعتقد العلماء أن تغير المناخ المستمر قد يساهم في استنفاد الأوزون على الرغم من الانخفاض التدريجي في تركيزات المواد المستنفدة للأوزون في الغلاف الجوي. إن العمليات في الغلاف الجوي معقدة، وتشير النماذج إلى أنه في حين أن درجات الحرارة بالقرب من سطح الأرض ترتفع بلا شك، فإن طبقة الستراتوسفير في الواقع تبرد (حتى من دون المياه الإضافية من هونغا تونغا)، وهذا يعني المزيد من تدمير طبقة الأوزون.
المصدر: سبيس