وبغض النظر عما تفعله البشرية لخفض التلوث الكربوني الذي يؤدي إلى الاحتباس الحراري، والجهود المتضافرة والمناقشات الدولية العديدة، فقد بدأ تغير المناخ بالفعل في إحداث تأثير رهيب على النظام البيئي، إلا أن العلماء يتوقعون أن ينقرض الجليد البحري في الصيف في المحيط المتجمد الشمالي في أقل من 10 سنوات من الآن، وفقا لدراسة جديدة نُشرت في مجلة Nature Communications.
وتقول الدراسة إنه حتى وضع حد للاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية، بما يتماشى مع معاهدة باريس للمناخ، لن يمنع الامتداد الشاسع للجليد العائم في القطب الشمالي من الذوبان.
وأوضح المؤلف المشارك ديرك نوتس، الأستاذ في معهد علوم المحيطات بجامعة هامبورغ، لوكالة "فرانس برس": "فات الأوان لحماية الجليد البحري الصيفي في القطب الشمالي كمنظر طبيعية وكموئل (ملجأ). وسيكون هذا أول عنصر رئيسي في نظامنا المناخي نخسره بسبب انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري".
ويؤدي انخفاض الغطاء الجليدي إلى آثار خطيرة بمرور الوقت على الطقس والأشخاص والنظم البيئية، ليس فقط داخل المنطقة، ولكن على مستوى العالم.
وأشار المؤلف الرئيسي للدراسة، سونغ كي مين، الباحث في جامعة بوهانغ للعلوم والتكنولوجيا في كوريا الجنوبية، في حديثه إلى وكالة "فرانس برس"، إلى أن هذا "يمكن أن يسرّع الاحتباس الحراري من خلال ذوبان الجليد الدائم المحمّل بغازات الاحتباس الحراري، وارتفاع مستوى سطح البحر من خلال ذوبان الغطاء الجليدي في غرينلاند".
ويحتوي الغطاء الجليدي الذي يبلغ سمكه كيلومترات في غرينلاند على ما يكفي من المياه المجمدة لرفع المحيطات بمقدار ستة أمتار.
وعلى النقيض من ذلك، فإن ذوبان الجليد البحري ليس له تأثير واضح على مستويات سطح البحر لأن الجليد موجود بالفعل في مياه المحيط، مثل مكعبات الثلج في الزجاج. لكنه يغذي حلقة مفرغة من الاحترار.
ويشرح العلماء أن درجة حرارة منطقتي القطب الشمالي والجنوبي ارتفعت بمقدار ثلاث درجات مئوية مقارنة بمستويات أواخر القرن التاسع عشر، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي.
ويصف العلماء المحيط المتجمد الشمالي بأنه "خال من الجليد" إذا كانت المساحة المغطاة بالجليد أقل من مليون كيلومتر مربع، أو نحو 7% من إجمالي مساحة المحيط.
وقال كي مين إن خلوّ سبتمبر من الجليد في العقد الثالث من القرن الحالي "أسرع بعقد من الزمن مقارنة بالتوقعات الأخيرة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)"، وهي الهيئة الاستشارية العلمية التابعة للأمم المتحدة.
ويُعرف بأن سبتمبر هو الشهر الذي يصل فيه الجليد عادة إلى الحد الأدنى السنوي. واستندت الدراسة الجديدة إلى بيانات الرصد التي تغطي فترة 1979-2019 لتعديل نماذج الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
وبحسب كي مين وزملاؤه فإن النشاط البشري كان مسؤولا عن ما يصل إلى 90% من تقلص الغطاء الجليدي، مع تأثيرات طفيفة فقط من العوامل الطبيعية مثل النشاط الشمسي والبركاني.
وحدث الحد الأدنى القياسي لمدى الجليد البحري في القطب الشمالي - 3.4 مليون كيلومتر مربع (1.3 مليون ميل مربع) - في عام 2012، مع تسجيل ثاني وثالث أدنى مناطق مغطاة بالجليد في عامي 2020 و2019 على التوالي.
وفي غضون ذلك، انخفض الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية إلى 1.92 مليون كيلومتر مربع في فبراير، وهو أدنى مستوى على الإطلاق، نحو مليون كيلومتر مربع أقل من متوسط الفترة ما بين 1991-2020.
المصدر: phys.org