وقام الفريق الدولي من العلماء بمسح المواد الجينية لحيوانات مختلفة تشمل ما يقارب 80% من أنواع الثدييات، من الكلاب والخفافيش إلى البشر والقردة.
وقال الفريق إن عمله، الذي نشر في 11 عملا بحثيا في مجلة Science، يحدد بدقة أجزاء الجينوم البشري التي ظلت دون تغيير لملايين السنين، ما يوفر معلومات قد تلقي الضوء على أصول الأمراض، مثل السرطان، واضطرابات الصحة العقلية، مثل الفصام.
وأوضح باتريك سوليفان، الأستاذ في معهد كارولينسكا في ستوكهولم في السويد، ومؤلف إحدى الأوراق البحثية: "هذه أداة يمكن أن تعطينا الكثير من التلميحات المهمة حول الأمراض البشرية. وإذا تمكنا من الغوص بعمق في الجينوم الخاص بك، فيمكننا الحصول على فكرة عن أسلافك، ونلاحظ آثار ملايين السنين من التطور بداخلك".
وتحتوي جميع الكائنات الحية على الحمض النووي - مخطط الحياة الذي يحتوي على التعليمات اللازمة لنمو الكائن الحي وتطوره وتكاثره.
وفي حين أن بعض أقسام الحمض النووي، المعروفة باسم الجينات، تطورت على مدى ملايين السنين، إلا أن البعض الآخر ظل دون تغيير، وهو ما يشار إليه باسم الجينات "المحفوظة التطورية".
ويحتوي الجينوم البشري على نحو 20 ألف جين تحمل رمزا لصنع جميع البروتينات في الجسم. كما أن لديها تعليمات توجه أين ومتى وكم من البروتينات يتم إنتاجها.
وهذه الأجزاء من الجينوم، المعروفة باسم العناصر التنظيمية، يصعب تحديدها أكثر من تحديد الأجزاء التي تصنع البروتينات.
ولذلك أراد العلماء معرفة ما إذا كان بإمكانهم تحديد هذه المناطق بدقة من خلال تحليل جينومات الثدييات كجزء من مشروع Zoonomia، وهو أكبر مورد لعلم الجينوميات المقارنة للثدييات في العالم. وذلك لأن بعض الجينات البشرية لها أوجه تشابه مع الحيوانات، على سبيل المثال، يتشارك البشر 98.8% من المادة الوراثية مع الشمبانزي.
ومن خلال إجراء دراسات مفصلة، تمكن العلماء من تحديد مناطق الجينوم البشري ذات الوظائف غير المعروفة سابقا. ويعتقدون أن هذه المناطق من المحتمل أن تكون عناصر تنظيمية وتلعب دورا رئيسيا في عمل الجينوم.
ويُعتقد أن الطفرات في هذه المناطق لها دور في نشأة بعض الأمراض أو الاضطرابات.
وقالت كريستين ليندبلاد توه، أستاذة علم الجينوم المقارن في جامعة أوبسالا: "إن نسبة كبيرة من الطفرات التي تؤدي إلى أمراض شائعة، مثل مرض السكري أو اضطراب الوسواس القهري، تقع خارج الجينات ولها علاقة بتنظيم الجينات. ودراساتنا تجعل من السهل تحديد الطفرات التي تؤدي إلى المرض وفهم الخطأ الذي يحدث".
وأضافت جينيفر ميدوز، عالمة الأبحاث بجامعة أوبسالا والمؤلفة المشاركة للمقال الذي يركز على الأمراض: "تحليلاتنا لـ 240 من الثدييات تعطينا رؤية أفضل للإشارات التنظيمية في الجينوم. وقمنا بمعايرة نتائجنا في المواقف التي يُعرف أنها تساهم في الإصابة بالمرض ومن ثم يمكننا استخدامها لاقتراح مواضع إضافية يمكن ترتيبها حسب الأولوية للسمات العصبية، مثل الفصام أو الحالات المناعية بما في ذلك الربو أو الإكزيما".
وبينما كانت هناك دراسات حددت الخطر الجيني لأمراض معينة، قال الخبراء إن هذا البحث الجديد يساعد في إلقاء الضوء على كيفية حدوث هذه الاختلافات الجينية أو سبب حدوثها في المقام الأول.
وأضاف البروفيسور سوليفان: "لقد منحني هذا المشروع البحثي حقا فهما أعمق بكثير للجينوم وكيفية تكوين الجينوم. أنا الآن أستخدم هذا طوال الوقت في محاولة لفهم الفصام والانتحار والاكتئاب واضطرابات الأكل".
كما درس العلماء الورم الأرومي النخاعي، وهو أكثر أنواع أورام المخ الخبيثة شيوعا لدى الأطفال.
وكشفت كارين فورسبيرغ-نيلسون، أستاذة أبحاث الخلايا الجذعية في جامعة أوبسالا، التي قادت الجزء المتعلق بالسرطان من الدراسة: "في المرضى الذين يعانون من الورم الأرومي النخاعي، وجدنا العديد من الطفرات الجديدة في الجسنات المحفوظة تطوريا. ونأمل أن يؤدي تحليل هذه الطفرات إلى تمهيد الطريق لتشخيصات وعلاجات جديدة".
المصدر: إندبندنت