وقد يكون شمال إيران، جنوب بحر قزوين، غنيا بالآثار من زمن إنسان نياندرتال والتي لم يتم اكتشافها بعد. وهذا هو الاستنتاج الذي توصل إليه فريق دولي من الباحثين من ألمانيا وإيران وضعوا نموذجا للطريق الأكثر احتمالا الذي هاجر فيه البشر القدامى من أوروبا.
وتشير هذه الطرق إلى فرص بحث محتملة في مناطق غير معروفة في إيران وآسيا الوسطى حيث تتنبأ النمذجة بالموائل المثالية للعصر الحجري القديم.
وتعتمد الدراسة على نتائج دراسة سابقة قائمة على الحمض النووي، والتي أشارت إلى أن إنسان نياندرتال في أوزبكستان ومنطقة ألتاي في جنوب سيبيريا من أصل أوروبي، على الرغم من عدم وضوح كيفية انتقالهم.
وكتب الباحثون: "زادت الأبحاث الحديثة حول غرب أوراسيا من معرفتنا حول طرق الهجرة والتشتت لنياندرتال، واختلاطهم بأنواع أخرى من أشباه البشر، مثل الدينيسوفان والإنسان العاقل، واستعمار المنافذ البيئية الجديدة".
وأضافوا: "يعتمد نطاق التوسع الجغرافي للسكان إلى حد كبير على التوزيع المكاني للموائل والممرات المناسبة التي تربط هذه الموائل. وفي ما يتعلق بتوزيع إنسان نياندرتال من أوروبا شرقا، فإن المناطق المباشرة هي بييمونتي في جبال القوقاز وجبال ألبرز. ومع ذلك، فإن دور هذه الممرات في عمليات التوسع المبكر يرتبط ارتباطا وثيقا بالنمط المعقد للظروف المناخية المواتية".
واستخدم الباحثون نظام معلومات جغرافية مفتوح المصدر (QGIS)، مع طبقات من المعلومات الجغرافية الحيوية للظروف المناخية السابقة لبناء نموذج للبحث عن المسار الأقل تكلفة (LCP) لطرق التشتت الأكثر احتمالا لنياندرتال بين سلسلة من مواقع الكهوف المعروفة.
ولا تعد نماذج LCP دائما المسارات الخطية الأكثر مباشرة، لأنها تأخذ في الاعتبار المسارات غير المعوقة والعقبات المكلفة على طول الطريق، تماما مثل الطريقة التي يوجهك بها نظام GPS في السيارة إلى وجهة فقط من خلال اتباع الطرق التي تقل فيها الاختناقات المرورية أو عمليات البناء أو إغلاق الطرق.
وبالنسبة لترحال إنسان نياندرتال، فإن "تكلفة" كل طريق معين تعتمد على عوامل مثل المناخ وتوافر الموارد ومزايا المعيشة على طول الطريق.
ويقع أول موقعين تم النظر فيهما في القوقاز، بين البحر الأسود وبحر قزوين، بينما تقع مواقع الكهوف الأخرى في جبال ألاي في روسيا.
ولاحظ الفريق أن مواقع القوقاز تحتوي على نوعين مختلفين من "المواد الثقافية" - أي المصنوعات اليدوية والأدوات - مفصولة بجبال شاهقة.
وأوضحوا أن هذه الاختلافات يمكن أن تمثل خطين متميزين لهجرة إنسان نياندرتال داخل وخارج المنطقة.
وحدد النموذج تلك المناطق التي كانت ستشهد أقل التقلبات المناخية، وبالتالي كانت ستوفر أكثر البيئات استقرارا للنباتات والحيوانات.
وعلى وجه الخصوص، انصب اهتمام الفريق على الممر الجنوبي لبحر قزوين، والذي تميز بكونه رطبا ومعتدلا نسبيا، ما يجعله طريقا مثاليا للتوسع والاستقرار.
وقد يكون هذا الطريق خارج أوروبا قد وفر أيضا بوابة جذابة لهجرات الإنسان العاقل الذي يسافر إلى القارة من إفريقيا والمشرق العربي.
وقال الباحثون إن هذا يثير احتمال أن يكون الممر نقطة التقاء ثقافية مهمة بين جنسنا البشري وأقاربنا البدائيين.
تم نشر النتائج الكاملة للدراسة في مجلة PLOS ONE.
المصدر: إكسبريس