وتفاعلت العضيات المزروعة مع المنبهات البصرية بنفس طريقة استجابة الأنسجة المحيطة، وهي ملاحظة تمكن العلماء من إجرائها في الوقت الفعلي على مدار عدة أشهر بفضل الإعداد التجريبي المبتكر الذي يجمع بين مصفوفات الغرافين الدقيقة والتصوير الثنائي الفوتون.
وكشف الفريق، بقيادة دويغو كوزوم، عضو هيئة التدريس في قسم الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات بجامعة كاليفورنيا سان دييغو، عن تفاصيل النتائج التي توصلوا إليها في عدد 26 ديسمبر من مجلة Nature Communications.
وتعاون فريق كوزوم مع باحثين من مختبر آنا ديفور بجامعة بوسطن، ومختبر أليسون آر موتري في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، ومختبر Fred H. Gage في معهد سالك.
وتُشتق العضيات القشرية البشرية من الخلايا الجذعية المتعددة القدرات، والتي عادة ما تشتق نفسها من خلايا الجلد. بمعنى أن العضيات عبارة عن كتل نمت صناعيا من الخلايا التي تشبه العضو المطلوب.
وظهرت هذه العضيات الدماغية مؤخرا كنماذج واعدة لدراسة تطور الدماغ البشري، بالإضافة إلى مجموعة من الحالات العصبية.
ولكن حتى الآن، لم يتمكن أي فريق بحثي من إثبات أن عضيات الدماغ البشرية المزروعة في القشرة المخية للفأر كانت قادرة على مشاركة نفس الخصائص الوظيفية والتفاعل مع المنبهات بنفس الطريقة.
وذلك لأن التقنيات المستخدمة لتسجيل وظائف المخ محدودة، وغير قادرة بشكل عام على تسجيل نشاط لا يدوم سوى بضعة أجزاء من الألف من الثانية.
وتمكن الفريق من حل هذه المشكلة من خلال تطوير التجارب التي تجمع بين مصفوفات الأقطاب الكهربائية الدقيقة المصنوعة من الغرافين الشفاف والتصوير الثنائي الفوتون، وهي تقنية مجهرية يمكنها تصوير الأنسجة الحية بسماكة تصل إلى مليمتر واحد.
وقال ماديسون ويلسون، المؤلف الأول للورقة البحثية، وطالب الدكتوراه في مجموعة كوزوم البحثية في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو: "لم تتمكن أي دراسة أخرى من التسجيل بصريا وكهربائيا في الوقت نفسه. وتكشف تجاربنا أن المنبهات البصرية تثير استجابات فيزيولوجية كهربية في العضيات، مطابقة للاستجابات من القشرة المحيطة".
ويأمل الفريق في أن يكون هذا المزيج من تقنيات التسجيل العصبي المبتكرة لدراسة العضيات بمثابة منصة فريدة لتقييم أشباه العضيات بشكل شامل كنماذج لتطور الدماغ والأمراض، والتحقيق في استخدامها كأطراف صناعية لاستعادة الوظيفة إلى مناطق الدماغ المفقودة أو المتدهورة أو التالفة.
وكشف كوزوم: "هذا الإعداد التجريبي يفتح فرصا غير مسبوقة للتحقيقات في الاختلالات الوظيفية على مستوى الشبكة العصبية البشرية الكامنة وراء أمراض الدماغ التنموية".
ومن خلال وضع مجموعة من هذه الأقطاب الكهربائية فوق العضيات المزروعة، تمكن الباحثون من تسجيل النشاط العصبي كهربائيا من كل من العضيات المزروعة والقشرة المضيفة المحيطة في الوقت الفعلي.
وباستخدام التصوير الثنائي الفوتون، لاحظوا أيضا أن الأوعية الدموية للفأر نمت لتصبح عضوا يوفر العناصر الغذائية الضرورية والأكسجين للجسم المزروع.
وخلال التجارب، لاحظ الفريق النشاط الكهربائي في قنوات القطب فوق العضيات ما يدل على أن العضيات كانت تتفاعل مع المنبه بنفس الطريقة التي تتفاعل بها الأنسجة المحيطة.
وينتشر النشاط الكهربائي من المنطقة الأقرب إلى القشرة البصرية في منطقة العضيات المزروعة من خلال التوصيلات الوظيفية.
وتشير النتائج إلى أن العضيات أقامت اتصالات متشابكة مع أنسجة القشرة المحيطة بعد ثلاثة أسابيع من الزرع، وتلقت مدخلات وظيفية من دماغ الفأر. وواصل الباحثون هذه التجارب متعددة الوسائط المزمنة لمدة أحد عشر أسبوعا، وأظهروا تكاملا وظيفيا ومورفولوجيا لأعضاء الدماغ البشري المزروع مع قشرة الفئران المضيفة.
وتشمل الخطوات التالية تجارب أطول تتضمن نماذج للأمراض العصبية، بالإضافة إلى دمج تصوير الكالسيوم في الإعداد التجريبي لتصور نشاط الارتفاع في الخلايا العصبية العضية.
المصدر: ميديكال إكسبريس