مباشر

عشرات الفيروسات القديمة "تُفعّل" في الخلايا السليمة في جميع أنحاء أجسامنا!

تابعوا RT على
تنتشر آثار فيروسات قديمة في جميع أنحاء الجينوم البشري، مدمجة في بنية الحمض النووي.

وكان العلماء يعرفون بالفعل أن بعض هذه الآثار الفيروسية يمكن أن "تنشط" في الخلايا السرطانية وربما أن تساهم في تطور المرض السرطاني- ولكن الآن، كشفت دراسة جديدة أن الفيروسات نشطة في عشرات الأنسجة السليمة أيضا.

وقال ماثيو بندال، وهو أستاذ مساعد لبحوث البيولوجيا الحاسوبية في الطب في وايل كورنيل، نيويورك، والذي لم يشارك في الدراسة: "منذ 15 أو 20 عاما، كان يُعتقد إلى حد بعيد أن جميع الفيروسات التقهقرية الداخلية تقريبا الموجودة في الجينوم - وهناك الآلاف منها - يتم إسكات معظمها في الأنسجة الطبيعية".

وفي السنوات الست الماضية أو نحو ذلك، طور العلماء طرقا أكثر حساسية لدراسة كيفية تنشّط الجينات، كما قال بندال. لكن معظم الدراسات الحديثة ركز فقط على تنشط الفيروس القديم في الأورام السرطانية وفي كمية صغيرة من الأنسجة السليمة بالقرب من تلك الأورام. وتقدم الدراسة الجديدة، التي نُشرت في مجلة PLOS Biology، لقطة أوسع لمدى نشاط هذه البقايا الفيروسية في جميع أنحاء الجسم.

وقال بندال: "هذه الدراسة هي بالفعل واحدة من أولى الرؤى لما يحدث في الأنسجة الطبيعية. نحن جميعا نعبّر، في جميع أنسجتنا، في جميع خلايانا، عن بعض هذه البقايا الفيروسية، وأعتقد أن هذه الدراسة مهمة حقا في إظهار ذلك".

وقد قام البحث الجديد بسحب البيانات من مشروع Genotype Tissue and Expression (GTEx)، وهو قاعدة بيانات تتضمن عينات من الأنسجة مأخوذة بعد الموت مما يقرب من 950 فردا. وتشمل هذه العينات 54 نوعا من الأنسجة غير المريضة الموجودة في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك الدماغ والقلب والكلى والرئة والكبد.

ولبناء قاعدة البيانات، قام الباحثون بتحليل هذه الأنسجة لمعرفة أي من جيناتها تم تشغيله، كما يتضح من وجود خيوط معينة من الحمض النووي الريبي داخل خلاياها. وينسخ RNA التعليمات من البقع في الجينوم ثم ينقلها إلى مصانع بناء البروتين في الخلايا، حتى تتمكن المصانع من ضخ البروتينات الضرورية. وتؤدي بعض جزيئات الحمض النووي الريبي أدوارا أخرى في الخلية، بما في ذلك المساعدة في بناء تلك البروتينات الجديدة أو تشغيل الجينات "وإيقافها".

وضمن قاعدة بيانات GTEx الواسعة، بحث معدو الدراسة عن دليل على وجود "فيروسات تقهقرية بشرية نشطة" (HERVs)، أي أجزاء من الفيروسات القديمة المنسوجة في الجينوم. وعلى وجه التحديد، قاموا بفحص مجموعة من HERVs تسمى "HML-2"، تم تقديمها إلى سلالة الإنسان مؤخرا نسبيا - على الأقل من خلال المعايير التطورية. وقال بندال إن بعض أصغر الأمثلة على فيروسات HML-2 لا يتجاوز عمرها مئات الآلاف من السنين ولا توجد إلا في الجينوم البشري، ما يعني أنها لم تظهر في أي من أقاربنا الرئيسيين.

ووجد المعدون دليلا على وجود فيروسات HML-2 نشطة في جميع أنواع الأنسجة غير المريضة البالغ عددها 54 في قاعدة بيانات GTEx، لكنهم وجدوا أعلى مستويات التنشط في المخيخ الموجود خلف جذع الدماغ مباشرة.

ولا يزال ما تفعله هذه الفيروسات في الأنسجة السليمة لغزا، ومن المحتمل أن تكون الإجابة مختلفة في كل نوع من أنواع الأنسجة.

وقال بندال "لماذا يختلف المخيخ عن القشرة؟ أعتقد أن هذا سؤال مفتوح نوعا ما". وقال إنه ليس من المستغرب أن تظهر بعض الأنسجة درجة تنوع أكبر في تنشيط HML-2 أكثر من غيرها.

وأشار بندال إلى أنه عندما يتم تشغيل HERVs، فإن الشظايا الفيروسية لا تؤدي إلى ظهور فيروسات كاملة وعملية قادرة على إصابة الخلايا. وبدلا من ذلك، فإن تنشيطها عادة ما يدفع الخلية إلى بناء جزيئات معينة من الحمض النووي الريبي (RNA) والتي قد تحفز الخلية بعد ذلك على بناء البروتينات. وعلى سبيل المثال، ينتج نوع واحد من HERV الموجود في الرئيسيات، بما في ذلك البشر، بروتينا أساسيا لبناء المشيمة، وفقا لتقرير صدر عام 2012 في مجلة Placenta.

ولا يزال العلماء يعملون على اكتشاف كيفية تأثير معظم هذه الفيروسات القديمة على علم الأحياء البشري. وكتب معدو الدراسة أن الحصول على بيانات شاملة حول ما تفعله الفيروسات في الأنسجة السليمة يوفر أساسا للمقارنة بالخلايا المريضة.

وأضاف بندال أن بعض العلماء اقترحوا أن HERVs يمكن أن تعمل كمؤشرات حيوية محتملة للسرطان، ما يعني إشارة قابلة للقياس يمكن للأطباء استخدامها لفحص المرض. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تعمل بعض HERVs نظريا كأهداف لعلاجات السرطان، إذا تم اكتشاف أنها فريدة لأنواع معينة من الأورام. ولكن لاستخدام HERVs بهذه الطريقة، سيحتاج العلماء إلى معرفة كيف تتصرف HERVs في الخلايا السليمة مقابل الخلايا السرطانية.

المصدر: لايف ساينس

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا