ومن خلال كشف الهوية الجزيئية لفصيلة الدم الجديدة نسبياً، المعروفة باسم نظام Er، يأمل العلماء أن تساعد دراستهم الجديدة في تحديد وعلاج بعض الحالات النادرة لعدم توافق فصيلة الدم، على سبيل المثال، بين النساء الحوامل والأجنة.
ويقول آش توي، عالم الأحياء الخلوي بجامعة بريستول: "يوضح هذا العمل أنه، حتى بعد كل الأبحاث التي أجريت حتى الآن، لا يزال بإمكان خلايا الدم الحمراء البسيطة أن تفاجئنا".
يتم تحديد فصيلة الدم من خلال وجود أو عدم وجود مستضدات معينة، مع كون الأنواع الرئيسية التي يعرفها الناس، هي A وB وO وAB (الإيجابية والسلبية)، وهو ما يشكل أنواع الدم الثمانية.
ويوصّف تصنيف الدم وجود وغياب مجموعات من البروتينات والسكريات التي تغلف أسطح خلايا الدم الحمراء. وعلى الرغم من أنها يمكن أن تخدم أغراضا مختلفة، إلا أن أجسامنا تستخدم عموما مستضِدات سطح الخلية كعلامات تعريف يمكن بواسطتها فصل الذات عن الغزاة الذين يحتمل أن يكونوا ضارين.
ولمعرفة فصيلة الدم، هناك أنواع مختلفة من الأجسام المضادة التي يمكن استخدامها، والتي يعرف الناس منها نظام الزمر الدموية ABO (للدلالة على وجود أحد المستضدين A وB أو كليهما أو غيابهما عن سطح كريات الدم الحمراء) ونظام الزمرة الدموية الريسوسية rhesus (واحد من خمسة وثلاثين نظاما دمويا معروفا، وهو ثاني أهم نظام فصيلة الدم، بعد نظام مجموعة الدم ABO). وهذه الأنظمة مهمة بشكل أساسي في مطابقة عمليات نقل الدم.
ولكن هناك في الواقع العديد من أنظمة فصائل الدم المختلفة التي تعتمد على مجموعة واسعة من مستضدات سطح الخلية ومتغيراتها.
وقد درس الفريق ثلاثة مستضدات لفصيلة الدم (جزيئات على سطح خلايا الدم الحمراء يمكن أن تسبب هجوما في جهاز المناعة)، لا تتناسب مع أي نظام فصيلة دم قائم. وفي هذه العملية، أكدوا مجموعة جديدة من فصائل الدم، تسمى نظام Er، أصبحت تمثل المجموعة الـ44 للدم.
تم التعرف على معظم المجموعات الرئيسية للدم في أوائل القرن العشرين، إلا أن الوافد الأخير إلى هذه المجموعات، المسمى Er، ظهر فقط في عام 1982.
وبعد ست سنوات من ذلك التاريخ، تم تحديد نسخة من المجموعة باسم Erb. ثم حدد العلماء المستضدات Er3 وEra، الإضافة إلى اكتشاف مستضدين جديدين هما (Er4 وEr5).
ويرتبط هذا النظام ببروتين معين موجود على سطح خلايا الدم الحمراء يسمى Piezo1.
الاختلافات في فصيلة الدم التي تم تحديدها مؤخرا، Er4 وEr5، نادرة للغاية وقد ارتبطت بالداء الانحلالي في الأجنة والحديثي الولادة. ويتطور هذا المرض عندما يهاجم الجهاز المناعي للأم دم طفلها الذي لم يكن قد ولد بعد.
وفي حين أنه كان من الواضح منذ عقود أن هذه المستضدات لخلايا الدم موجودة، إلا أنه لم يكن يُعرف سوى القليل جدا عن تأثيرها السريري.
وعندما تظهر خلية دم مع مستضد لم يصنفه جسمنا على أنه خاص بنا، ينشط جهاز المناعة، ويرسل أجساما مضادة للإبلاغ عن الخلايا الحاملة للمستضد المشتبه به لتدميرها.
وفي بعض الحالات، يمكن أن يتسبب عدم التوافق بين الجنين وفصيلة دم الأم في حدوث مشكلات إذا أصبح الجهاز المناعي للأم حساسا تجاه المستضدات الأجنبية.
ويمكن للأجسام المضادة المتولدة استجابة لذلك أن تمر عبر المشيمة، ما يؤدي إلى الداء الانحلالي في الجنين (اضطراب في الدم يصيب الجنين أو الرضيع الحديث الولادة ويمكن أن يكون قاتلا).
ولحسن الحظ، هناك طرق عدة للوقاية من الداء الانحلالي لدى الأطفال الحديثي الولادة أو حتى علاجه هذه الأيام، بما في ذلك الحقن للأمهات الحوامل وعمليات نقل الدم للأطفال.
ولكن ثمة، بالنسبة لإحدى الحالات المذكورة في الدراسة، وهي فشل نقل الدم بعد الولادة القيصرية في إنقاذ حياة الطفل، ما أشار إلى وجود شيء لم يتمكن الأطباء والباحثون من اكتشافه.
وقالت نيكول ثورنتون، أخصائية الأمصال من دائرة الدم وزرع الدم التابعة للخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة (NHSBT) لمجلة Wired: "ظهرت تلميحات حول هذه الأجسام المضادة النادرة على مر السنين، لكن ندرتها جعلت فهمنا لها بعيد المنال حتى الآن".
لذا، حللت ثورنتون وزملاؤها بقيادة فانجا كراماتيك كرو، عالمة الأمصال في NHSBT، دماء 13 مريضا لديهم المستضدات المشتبه بها. وحددوا خمسة اختلافات في مستضدات Er: المتغيرات المعروفة Era وErb وEr3 والاثنان الجديدان Er4 وEr5.
ومن خلال تسلسل الرموز الجينية للمرضى، تمكنت كرو وفريقها من تحديد الجين الذي يرمز لبروتينات سطح الخلية. ومن المثير للدهشة أنه كان جينا مألوفا بالفعل في العلوم الطبية: PIEZO1.
ويوضح آش توي: "بروتينات PIEZO1 هي بروتينات حسية ميكانيكية تستخدمها الخلية الحمراء للاستشعار عند ضغطها".
ويرتبط البروتين (PIEZO1) بالفعل بالعديد من الأمراض المعروفة، حيث تموت الفئران التي لا تحتوي على هذا الجين قبل الولادة، وتلك التي تم حذف الجين منها في خلايا الدم الحمراء فقط ينتهي بها الأمر بخلايا دم هشة وبفرط الماء.
وأكد الطاقم والفريق النتائج التي توصلوا إليها عن طريق حذف PIEZO1 في خط خلوي من خلايا الدم الحمراء، وهي مقدمة لخلايا الدم الحمراء، واختبار المستضدات.
ومن المؤكد أن PIEZO1 مطلوب لإضافة مستضد Er إلى سطح الخلية.
ونظرا لأنهم وجدوا نسبة انتشار عالية لمتغير Er5 في السكان الأفارقة، يشتبه العلماء في أن هذا البديل قد ينقل نوعا من الميزة ضد الملاريا، مثل بعض أنواع الدم النادرة الأخرى الموجودة هناك.
المصدر: ساينس ألرت