ويوضح الباحثون أن نسبة الحجم تختلف عن أي نظام كوكب-قمر آخر رأيناه - القمر يزيد قليلا عن ربع حجم الأرض.
ويعتقد العلماء أن قصة أصل القمر هي من "نار وغضب": رذاذ هائل من الحطام خرج من الأرض التي لا تزال دافئة، وبالكاد تشكلت في اصطدام هائل بكوكب بحجم المريخ يسمى "ثيا"، حوله. وقبل 4.5 مليار سنة، تقول النظرية إن هذا الحطام تجمّع ليشكل قمرنا.
والآن، لدينا دليل جديد على تلك الولادة العنيفة.
وتتطابق نظائر غازات الهيليوم والنيون المحاصرة في النيازك القمرية المسترجعة من القارة القطبية الجنوبية مع نظائرها الموجودة في الرياح الشمسية، دون التعرض لها على الإطلاق. ويشير هذا، إلى جانب تركيز نظائر الأرجون المميزة ، إلى أن هذه الغازات موروثة من الأرض، عندما كان الجسمان واحدا، منذ زمن بعيد.
وقالت عالمة الكيمياء الكونية باتريسيا ويل، التي كانت تعمل سابقا في ETH Zurich في سويسرا، والتي تعمل حاليا في جامعة واشنطن في سانت لويس: "العثور على الغازات الشمسية، لأول مرة، في المواد البازلتية من القمر والتي لا علاقة لها بأي تعرض على سطح القمر كانت نتيجة مثيرة للغاية".
وتعتبر الدراسة المباشرة لتكوين القمر عملا معقدا، فلم نكن هناك منذ عام 1972، كما أن العينات التي تم جمعها نادرة.
ومع ذلك، يأتي القمر إلينا من حين لآخر، على شكل نيازك يتم إلقاؤها في اتجاهنا عندما يصطدم شيء كبير بالسطح.
وعثر على مجموعة من هذه النيازك القمرية، أو lunaites، وهناك عدة مئات من تلك النيازك التي نعرفها، موجودة في جميع أنحاء العالم.
وكانت مواضيع الدراسة التي أجرتها ويل وزملاؤها ستة شظايا فقط تم استعادتها من القارة القطبية الجنوبية. وهذه الشظايا كلها جزء من نفس النيزك الأصلي، وتتكون من نوع محدد للغاية من الصخور: البازلت من سهل بركاني على القمر.
وتشكلت هذه الصخور عندما انطلقت الصهارة إلى أعلى من باطن القمر وتبردت بسرعة، مغطاة بطبقات أكثر من البازلت، وبالتالي محمية من البيئة المحيطة - بما في ذلك الأشعة الكونية والرياح الشمسية. وعندما تبرد البازلت، ظهرت جزيئات بركانية تشكل الزجاج، وتبلورت وظلت هناك تحت سطح القمر.
وبقيت الصخور هناك، حتى اصطدام هائل بما يكفي لإرسال الصخور القمرية إلى الأرض، وكان من المفترض أن يكون مثل هذا التأثير كبيرا نسبيا، حيث يتوغل في عمق سطح القمر للوصول إلى الصخور.
وللعثور على أسرارها، درس فريق البحث lunaites باستخدام مطياف كتلة الغاز في مختبر الغاز ETH Zurich. وهذه الأداة هي واحدة من أقوى الأجهزة في العالم - والأداة الوحيدة، كما قال الباحثون، القادرة على تحقيق اكتشافهم.
ووجد الفريق أن جزيئات الزجاج دون المليمتر في البازلت احتفظت بتوقيعات نظيرية للهيليوم والنيون، مثل كبسولات زمنية صغيرة، وكانت هذه الإشارات مماثلة للرياح الشمسية، ولكن تم اكتشافها بكميات أعلى بكثير مما كان متوقعا.
ولأن البازلت لم يتعرض للرياح الشمسية، كان لابد أن تأتي الغازات من مكان آخر.
ووجد الفريق أن النسب النظيرية للنيون كانت متشابهة جدا مع النسب النظيرية للنيون في أعمدة الوشاح الأرضية، وهي ترسبات عميقة من المنصهر الساخن الذي يأخذ عينات من خزانات المواد الموجودة في أعماق الأرض والتي من المحتمل ألا تتعرض للاضطراب منذ تشكل الكوكب، قبل 4.5 مليار سنة. وخلص الباحثون إلى أن التشابه يشير إلى أن الغازات جاءت من الأرض.
وقد يثير هذا الاكتشاف اهتماما متجددا بدراسة الغازات في النيازك، وإلقاء نظرة فاحصة على ما يمكن أن يكون محبوسا في صخور قمرية أخرى، والتي لم يكن من الممكن اكتشافها سابقا ولكنها الآن في متناول اليد، مثل الهيدروجين والهالوجينات.
وقال عالم الكيمياء الجيولوجية هينر بوسمان من ETH Zurich: "في حين أن مثل هذه الغازات ليست ضرورية للحياة، سيكون من المثير للاهتمام معرفة كيف نجت بعض هذه الغازات من التكوين الوحشي والعنيف للقمر. وقد تساعد هذه المعرفة العلماء في الجيوكيمياء والجيوفيزياء على إنشاء نماذج جديدة تُظهر بشكل عام كيف يمكن لهذه العناصر الأكثر تطايرا أن تنجو من تشكل الكوكب، في نظامنا الشمسي وما وراءه".
ونُشر البحث في مجلة Science Advances.
المصدر: ساينس ألرت