وتشير معظم الأبحاث العلمية إلى أن الأكسجين ارتفع بسرعة منذ نحو 2.4 مليار سنة ثم انخفض بشكل مفاجئ على مدار الـ 200 مليون سنة التالية. ويطلق على هذا الحدث اسم :حدث الأوكسجين العظيم" (GOE).
وتقدم دراسة دولية جديدة بقيادة فريق من الجيولوجيين من جامعة تسمانيا، بالتعاون مع علماء من معهد كارنيجي في واشنطن وجامعة تورنتو، نظرية بديلة لما سبق.
ويقترح الفريق أن ارتفاع الأكسجين في الغلاف الجوي كان عملية بطيئة للغاية بين 2.8 و1.8 مليار سنة مضت، في ما يتعلق بتصادم الصفائح القارية خلال دورات القارة العملاقة وتطور البكتيريا الزرقاء في محيطاتنا.
وارتفع الأكسجين في الغلاف الجوي على مدى مليار سنة، مع ذروة قريبة من مستويات الأكسجين الحالية بنسبة 21% منذ نحو 1.9 مليار سنة. ثم انخفض الأكسجين لفترة أخرى، تُعرف باسم المليار الممل أو المليار القاحل، وهو أكثر العصور مللا في تاريخ الأرض، ويُسمى أيضا بالعصور الوسطى للأرض.
وأظهر البحث الجديد أن تطور المعادن في قشرة الأرض يرتبط بارتفاع الأكسجين بسبب وجود أنواع جديدة من المعادن المؤكسدة التي أصبحت متاحة فقط بسبب ارتفاع الأكسجين.
وتستخدم النظرية الجديدة قياسات على كيمياء الأكسدة والاختزال للمعادن التي تتكون في الصخور وفي قاع البحر عبر الزمن الجيولوجي.
وقال البروفيسور روس لارج، الجيولوجي بجامعة تسمانيا، إن النتائج تستند إلى ثروة من البيانات من مجموعة من المعادن والنظائر.
وقامت الفرق في جامعة تسمانيا وتورنتو ومعهد كارنيجي ببناء قواعد بيانات ضخمة حول كيمياء مجموعة واسعة من المعادن، بما في ذلك عشرات الآلاف من التحليلات التي تم جمعها على مدار الخمسة عشر عاما الماضية.
وأوضح البروفيسور لارج أن "الاتجاه العالمي نحو البحث المبني على البيانات آخذ في الازدياد لأن تقنيتنا تتغير بسرعة، ما يتيح الحصول على آلاف التحليلات. واعتمدت الكثير من الأبحاث السابقة حول هذا الموضوع على تحليلات محدودة، مدعومة بنماذج الكمبيوتر لملء البيانات ومحاولة التنبؤ بالنتائج. وأدى هذا عادة إلى تفسيرات تجاهلت دورات الأرض الصعودية والهبوطية من خلال الوقت الجيولوجي".
ويقول البروفيسور لارج إن الارتفاع الأول في الأكسجين كان مصحوبا بانخفاض في ثاني أكسيد الكربون والميثان، ما أدى إلى خلق ظروف أكثر ملاءمة للحياة في المحيطات والغلاف الجوي.
وأوضح: "إن المحيطات القديمة التي تعود إلى ما قبل 2.6 مليار سنة كانت غنية بالعناصر السامة مثل الزرنيخ والزئبق، وهي قاسية جدا للحياة كما نعرفها. ويظهر بحثنا أنه مع زيادة الأكسجين، تغيرت كيمياء المحيط، وانخفضت العناصر السامة وأصبحت العناصر المهمة للحياة مثل الفوسفور والموليبدينوم والزنك متاحة أكثر لتحفيز التغيير التطوري".
وشرح البروفيسور لارج أن هذه التغييرات الرئيسية حدثت بسبب التطور الأول للانحراف القاري المرتبط بدورات القارة العملاقة، والتي تصف تجميع ومدة وتجزئة أكبر كتل اليابسة على الأرض.
وكشف أن "بناء الجبال أثناء اصطدام الصفائح في المرحلة الأولى من كل دورة قارة عظمى أدى إلى تآكل العناصر الغذائية للمحيطات، وتحفيز الحياة وإطلاق الأكسجين في الغلاف الجوي".
وتابع: "نقترح أن مرحلتين من بناء الجبال ساعدتا في دفع ارتفاع الأكسجين وإنتاج معادن جديدة وتطور الحياة المبكرة. وحدثت الأولى منذ نحو 2.8 مليار سنة مع تشكل القارة العظمى كينورلاند، والثانية منذ نحو 2.1 مليار سنة، والتي شكلت شبه القارة العملاقة نونا".
وبدأت دورة الأكسجين الثالثة منذ نحو مليار سنة، ومنذ ذلك الحين زادت الدورات في التردد من حوالي 200 مليون سنة متباعدة إلى 60 مليون سنة.
وأظهرت الأبحاث السابقة التي أجراها الفريق أن كل دورة أكسجين انتهت بانقراض جماعي ولكن سرعان ما أعقبها انفجار في التطور.
وعلى عكس بعض النظريات، فإن لارج لا يعتبر أننا نتجه إلى انقراض جماعي آخر. وقال إن حالات الانقراض الجماعي السابقة تضمنت ارتفاع ثاني أكسيد الكربون إلى أكثر من 4000 جزء في المليون، مقارنة بنحو 300 جزء في المليون اليوم، وانخفاض الأكسجين إلى أقل من 10% وربما أقل من 5%، مقارنة بـ 21% اليوم.
ويقترح أنه بناء على دورات الأرض، فإن الانقراض الجماعي التالي سيكون على بعد نحو 30 مليون سنة من الآن.
المصدر: phys.org