إن تغيرات المناخ حقيقة واقعة، إلا أن هناك مبالغات كثيرة من أغلبية شباب العلماء تجاه هذه التغيّرات ومدى تأثيرها فعلياً على احترار كوكب الأرض، وزيادة درجات الحرارة في مختلف أنحاء الكوكب. فعلماء العلوم والكون استقروا على أن كوكب الأرض يحتوي على عوامل للتبريد، وأخرى للتسخين، في صورة متوازنة، تعمل معاً للحفاظ على الحياة محتملة وطبيعية على كوكب الأرض.
تشمل عوامل التسخين أشعة الشمس، والانبعاثات الغازية من قطاعات الصناعة والنقل والمواصلات وتنفس الأرض والكائنات الحية والتعفن والتحلل والأنشطة الميكروبية، بالإضافة إلى غازات وحمم البراكين، ثم البرك والمستنقعات، وأحياناً سحب الشتاء. في المقابل، فهناك عوامل التبريد ممثلة في حركة الرياح والأعاصير والأمطار وثلوج القطبين الشمالي والجنوبي، خاصة القطب الجنوبي، الأقل تأثّراً بتغيّرات المناخ، ثم المحيطات والبحار بمساحتها الشاسعة، والمسؤولة عن امتصاص أكثر من 95% من أشعة الشمس، والأشعة الكونية، وهي التي تجعل الحياة محتملة على كوكب الأرض، على الرغم مما يصلها من أشعة ساخنة من الشمس، بالإضافة إلى الأنهار والبحيرات العذبة، وجميعها ذات قدرات متجددة وغير محدودة على امتصاص الانبعاثات الكربونية متمثلة في غازي أول وثاني أكسيد الكربون، التي يعزي آل غور ورفاقه لها التأثير الأكبر في رفع حرارة كوكب الأرض، والاحترار العالمي، وانتهاء عصر درجات الحرارة التي تقل عن الصفر في العالم. وهي النظرية التي لم يتحقق أغلبها حتى الآن، وحتى ما تحقق منها فهو قليل للغاية وغير محسوس، ولا يتماشى مع كل هذه المبالغات والحماس لظاهرة احترار كوكب الأرض.
هناك أيضاً ما أودعه خالق الكون من ثلاث رئات لكوكب الأرض، تخلّصه من غازات ثاني أكسيد الكربون، وتمنع احترار الأرض، والتي لا يمكن أن تفسد أو تتشبع جميعها في نفس الوقت. الرئة الأولى هي المحيطات والبحار التي تمتص ثلث الانبعاثات الكربونية، إلى جانب امتصاصها لغالبية أشعة الشمس، والتي تسخن ويتبخر منها الماء، فتوفّر لكوكب الأرض المياه العذبة والنقية، التي يعد مصدرها الأول المياه المالحة للمحيطات والبحار، مع بخار ماء الأشجار والغابات والنباتات والكائنات الحية. الرئة الثانية لكوكب الأرض هي الغابات المنتشرة في توازن بمختلف قارات ودول العالم، والتي لا يمكن القضاء عليها مهما بلغ جهل وغباء البشر، بالإضافة إلى ما يتم زراعته من غابات جديدة، ومعها النباتات والأشجار والمحاصيل الخضراء، التي تمتص أجزاء أخرى. ثم تأتي الرئة الثالثة، وهي جليد القطبين الشمالي والجنوبي بحجمهما الكبير، والتي تعلّمنا حكمة وجودهم، وأن كل شيء خلق بقدر. حيث يمتص جليد القطبين بشكل أساسي وما يسقط من جليد على دول الشمال وما يتراكم منها طوال شهور الشتاء الثلث الثالث من غاز ثاني أكسيد الكربون.
وعلى الرغم من إقلاع العالم عن استخدام الوقود الأولي من حطب، وأخشاب الغابات، وبقايا النباتات، وإقلاعه أيضاً عن حرق القمامة، ما يوفر قدراً كبيراً من الانبعاثات الكربونية، التي تم إحلالها بغازات الصناعة، لأن الزراعة ثابتة منذ قديم الأزل، إلا أن الجزر المحيطية مثل اليابان وإندونيسيا وقبرص وكريت وهاييتي وجزر الكناري وباقي جزر المحيط الهادي لم تغرق، ولا تراجع إنتاج الغذاء العالمي ولا غرقت الدلتاوات المنخفضة لأنهار النيل والميكونغ والغانغ، ولا ذاب جليد القطبين الشمالي والجنوبي، ولا ارتفعت مستويات البحار بنصف متر على الأقل، ولا توقف الصقيع والتجمد عن دول القطب الشمالي في السويد والنرويج، ولا انتقلت أمراض حيوانات المناطق الباردة إلى المناطق المعتدلة على الرغم من مرور أكثر من ثلاثين عاماً على صدور بيانات أضرار تغيّرات المناخ.
من ثمّ لا نستطيع أن نجزم أن الانبعاثات الغازية تسببت في حدوث خلل بالغ في تعادل مسببات التبريد ومسببات التسخين على كوكب الأرض وخروجها عن تعادلهما إلى جهة التسخين، ولا أن الغازات الدفيئة قد توقفت عن الخروج إلى الفضاء الخارجي دون سبب، فتغيرات المناخ بدأت ولكن هناك مبالغات غير مقبولة مرتبطة بها وغير مفهومة إن كانت بسبب الإتجار بها أو لأمور سياسية وقيادية لعالم يدفع إلى طريقة تفكير محددة كما يريد البعض.
ناصر حاتم – القاهرة
المصدر: RT