ويعد "قاع البحيرة الأحفورية'' الضخم، ظاهرة لم يسبق للعلماء رؤيتها من قبل في هذا الجزء من العالم، على الرغم من أننا نعلم أن صفيحة غرينلاند الجليدية الضخمة (ثاني أكبر صفيحة جليدية في العالم بعد القارة القطبية الجنوبية) ما تزال مليئة بالغموض تحت غطاءها المجمد، بينما تنهار الكتلة بوتيرة تنذر بالخطر.
وفي العام الماضي، أبلغ العلماء عن اكتشاف أكثر من 50 بحيرة تحت جليد الصفيحة الجليدية في غرينلاند: بقايا من المياه السائلة المذابة محصورة بين صخر القاعدة والغطاء الجليدي.
ويبدو الاكتشاف الجديد ذو طبيعة مختلفة: حوض بحيرة قديم، جاف طويل ومليء الآن بطبقات من الرواسب - صخور يصل سمكها إلى 1.2 كيلومتر - ثم تغطيتها بنحو 1.8 كيلومتر أخرى من الجليد.
ويقول الباحثون إنه عندما تشكلت البحيرة منذ فترة طويلة، كانت المنطقة خالية من الجليد، وكان الحوض يدعم بحيرة ضخمة بمساحة مترامية الأطراف تبلغ زهاء 7100 كيلومتر مربع.
وهذا هو حجم المساحة المشتركة نفسها لولايتي ديلاوير ورود آيلاند الأمريكية، وهذه البحيرة الضخمة كانت ستحتوي على نحو 580 كيلومترا مكعبا من المياه، وتُغذى بواسطة شبكة من 18 جدولا قديما على الأقل كانت موجودة في السابق.
وعلى الرغم من عدم وجود طريقة لمعرفة مدى قدم هذه البحيرة في الوقت الحالي (أو إذا امتلأت واستنزفت عدة مرات)، فقد نتمكن من معرفة ما إذا كان بالإمكان تحليل المادة الصخرية السائبة الآن داخل الحوض: كبسولة زمنية عملاقة من الرواسب المحفوظة التي يمكن أن تعطينا بعض الدلائل حول بيئة غرينلاند منذ زمن بعيد.
ويقول الباحث الرئيسي وعالم الجيوفيزياء الجليدي جاي باكسمان، من جامعة كولومبيا: "يمكن أن يكون هذا مستودعا مهما للمعلومات، في مشهد أصبح الآن مخفيا تماما ولا يمكن الوصول إليه".
وحُدد قاع البحيرة العملاق - الذي يطلق عليه اسم "Camp Century Basin''، في إشارة إلى قاعدة أبحاث عسكرية تاريخية قريبة - من خلال الملاحظات من مهمة عملية IceBridge التابعة لناسا، وهي مسح محمول جوا للمناطق القطبية في العالم.
وأثناء الرحلات الجوية فوق الصفيحة الجليدية في غرينلاند، رسم الفريق خريطة الجيومورفولوجيا تحت الجليد تحت الجليد باستخدام مجموعة من الأدوات التي تقيس الرادار والجاذبية والبيانات المغناطيسية. وكشفت القراءات عن مخطط الكتلة العملاقة الفضفاضة للحشوات الرسوبية، المكونة من مادة أقل كثافة وأقل مغناطيسية من الصخور الصلبة المحيطة بالكتلة.
ويعتقد الفريق أنه من الممكن أن تكون البحيرة تشكلت في أوقات أكثر دفئا نتيجة إزاحة حجر الأساس بسبب وجود خط صدع تحتها، وهو الآن ساكن.
ويعتقد الباحثون أن الحوض القديم يمكن أن يحتفظ بسجل رسوبي مهم، وإذا تمكنا بطريقة ما من الحفر بعمق كاف لاستخراجها وتحليلها، فقد يشير ذلك إلى متى كانت المنطقة خالية من الجليد أو مغطاة بالجليد، مع الكشف عن قيود مدى مساحة الصفيحة الجليدية في غرينلاند، وتقديم رؤى حول المناخ والظروف البيئية السابقة في المنطقة.
وأُبلغ عن النتائج في Earth and Planetary Science Letters.
المصدر: ساينس ألرت