وتعد أعمال المايا نادرة لأنها تمزج التقنيات الأصلية مع الزخارف الإسبانية في الحقبة الاستعمارية.
ووقع الكشف عن الأعمال الفنية، التي يعتقد أنها تعود إلى ما بين 1524 و1821، لأول مرة في عام 2003، أثناء أعمال التجديد لمنزل في بلدة تشاغول الغواتيمالية.
وعادة ما يتم العثور على فن الجدران التي تعود إلى هذه الفترة، تزين الكنائس وتصور موضوعات ذات طابع مسيحي، والتي استخدمها الإسبان لتأكيد وجودهم.
ووفقا لذلك، قد يمثل مزيج الأنماط في لوحات تشاغول عودة للثقافة المحلية مع ضعف التأثير الديني والسياسي للقوة الإمبراطورية.
وتغطي اللوحات الجدارية، التي تم الكشف عنها في منزل من الحقبة الاستعمارية في عام 2003 وتم الحفاظ عليها منذ ذلك الحين من قبل فريق بولندي، ثلاثة جدران لغرفة مركزية في مكان الإقامة.
ومن المحتمل أن تكون الأعمال مصحوبة بأعمال أخرى لم تنج حتى يومنا هذا.
وتعاون فريق بقيادة عالم الآثار الدكتور ياروزانو فراسك من جامعة ياغيلونيا البولندية مع مجتمع إكسل المايا المحلي، لتحليل أصباغ اللوحات وأسلوبها.
واكتشف العلماء أن اللوحات لها أوجه تشابه مذهلة مع فن المايا المحلي قبل الإسباني.
ويشير هذا إلى أن الأعمال الفنية ربما تم إنشاؤها من قبل الفنانين الأصليين باستخدام المواد والأساليب التقليدية، بينما تأثرت بالقوة الإمبراطورية.
ويبدو أن اللوحات تصور رقصات احتفالية تعيد إنشاء أحداث تاريخية مهمة أو طقوس دينية، مع وجود شخصيات في الفن تشاهد الرقص والعزف على الآلات الموسيقية.
وترتدي بعض الشخصيات فستان المايا التقليدي بينما يرتدي البعض الآخر الملابس الأوروبية من الفترة الاستعمارية.
ويعتقد مجتمع إكسيل المايا (اسم يطلق على السكان الأصليين في ثلاث بلدات متجاورة في المرتفعات الغربية لغواتيمالا)، أن اللوحات قد تمثل ما يعرف بـ"رقصة الفتح" (Baile de la Conquista) ، والتي تروي القصة غزو الإسبان للمايا وتحويلهم في نهاية المطاف إلى المسيحية.
وبدلا من ذلك، قد يصور الفن الجداري "رقص المغاربة والمسيحيين" (Baile de los Moros y Cristianos).
وتروي هذه الرقصة قصة سقوط الأندلس، وهي جزء من تاريخ العصور الوسطى الإسبانية حيث تم انتزاع الأراضي المسيحية السابقة من الممالك الإسلامية.
ووقع إنشاء العديد من هذه الرقصات من قبل الإسبان لإدخال ثقافتهم في التقاليد المحلية، في محاولة لإضفاء الشرعية على غزوهم وتشجيع التحول إلى المسيحية.
ومع ذلك، انتهى المطاف ببعض هذه الممارسات إلى أن يتم اختيارهم من قبل المايا.
وهذا يشمل "رقصة الفتح"، التي تم ترميمها كقصة للتاريخ المحلي والقمع. وفي نهاية المطاف، تم حظر العديد من هذه الرقصات في هذه المنطقة من غواتيمالا.
وهذا يشير إلى احتمال أن لوحات جدران المايا قد تشير حتى إلى "رقصة مفقودة" بمجرد حظرها ونسيانها في النهاية.
وسعى الباحثون أيضا إلى إجراء اختبار الكربون المشع على الأصباغ المستخدمة في صنع الفن الجداري، بالإضافة إلى جدران الطوب الطينية الأساسية.
ولسوء الحظ، يبدو أن اللوحة الجدارية قد تم رسمها عدة مرات على مر القرون، تاركة وراءها عدة طبقات من الأصباغ من أوقات مختلفة، ما جعل تضييق تاريخ محدد لهذه الأعمال الفنية خلال الفترة الاستعمارية مستحيلا.
وكتب علماء الآثار في ورقتهم: "بحثنا يثير السؤال المهم حول لماذا ظهرت اللوحات الجدارية في تشاغول خلال الجزء الأخير من الفترة الاستعمارية. هناك منازل أخرى بها جداريات تنتظر الحفظ والتحليل، وقد توفر المزيد من المعلومات".
"ومع ذلك، إذا ظهر أن معظم، أو ربما جميع جداريات تشاغول تعود إلى القرنين السابع عشر والثامن عشر، فقد تكون مرتبطة بنمط معاصر لوحظ في المستعمرات الإسبانية في العالم الجديد".
المصدر: إكسبرس