وبعد 4 أشهر من ظهوره في مقاطعة هوبي الصينية، انتشر فيروس كورونا الجديد إلى 180 دولة على الأقل وأودى بحياة أكثر من 38 ألف شخص. ومع عدم وجود علاج مثبت في الأفق، اتخذت الحكومات تدابير صارمة لاحتواء انتشاره، ولكن لا يمكن للعالم الاعتماد على "الإبعاد الاجتماعي" و"العزلة الذاتية" إلى الأبد.
وبهذا الصدد، ألقت RT نظرة على بعض الخيارات المتاحة على نطاق واسع، التي حققت انتشارا كبيرا باعتبارها الأمل في علاج كورونا.
- العقاقير المضادة للملاريا (اختيار ترامب)
اقتُرحت العقاقير التي تستخدم عادة لعلاج الملاريا، على أنها "مغير لمجريات اللعبة" محتمل ضد عدوى فيروس كورونا، من قبل الجميع: بدءا من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزارة الصحة الأمريكية إلى المتخصصين الطبيين الروس.
وأدت الحملات الترويجية رفيعة المستوى وعمليات شراء العقاقير من قبل الحكومات، بالفعل إلى نقص واضح لدى أولئك الذين يستخدمونها لعلاج حالات أخرى، بما في ذلك التهاب المفاصل الروماتويدي. ويُنظر إلى الأدوية، التي تثبط جهاز المناعة، على أنها قد تكون مفيدة ضد Covid-19 لأن الفيروس يحفز الاستجابة المناعية المفرطة، التي يمكن أن تسبب فشل الأعضاء. ومع ذلك، من غير المحتمل أن تنقذ عقاقير مثل هيدروكسي كلوروكوين والكلوروكين، العالم من هذه العدوى الفيروسية سريعة الانتشار حيث يبدو أنها غير فعالة ضد الفيروس نفسه.
وكانت إحدى الدراسات الأولى التي تروج للعقاقير المضادة للملاريا كعلاج فعال ضد فيروس كورونا، بقيادة الطبيب الفرنسي وعالم الأحياء الدقيقة ديديير راولت، ولكن منذ ذلك الحين انتقدها خبراء آخرون مرارا بسبب "العيوب المنهجية" والبيانات المشوهة.
وفي حين أشار راولت إلى العقاقير الفعالة ضد Covid-19 في الصين، يبدو أنها لم تكن مفيدة بشكل خاص عند استخدامها لعلاج المرضى في المستشفيات الإيطالية، وفقا للدكتور جورجيو بالو، أحد الخبراء الأوروبيين الرائدين في علم الفيروسات والرئيس السابق لـ الجمعية الأوروبية لعلم الفيروسات. وقال لـ RT : "نفترض فقط أنها يمكن أن تؤثر على بعض الفيروسات مثل السارس، ولكن لم يثبت ذلك سريريا".
وتساءل البروفيسور سيرغي نيتيسوف، الذي يرأس مختبر تقنيات النانو الحيوية في جامعة نوفوسيبيرسك الحكومية الروسية، عن فكرة استخدام هذه العقاقير ضد فيروس كورونا. وقال موضحا: "هذه العقاقير ليست أدوية مضادة للفيروسات. وليست مضادات حيوية"، مضيفا أن الكائن الحي ذا الخلية الواحدة الذي يسبب الملاريا هو في الحقيقة طفيلي، لذا فإن هذه العقاقير مضادة للطفيليات ولا يجب أن تكون فعالة عادة ضد الفيروسات.
- عقاقير فيروس نقص المناعة البشرية
اعتُبر مزيج من عقارين: لوبينافير-ريتونافير، اللذين يستخدمان لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية ويُباعان تحت اسم Kaletra، على نطاق واسع كخيار قابل للتطبيق في مكافحة فيروس كورونا. وأُدرج كعلاج محتمل من قبل شركة النشر والتحليل الهولندية، على الرغم من أن فعاليته ما تزال توصف بأنها "غير واضحة".
وتقول النظرية إن هذا المزيج من الأدوية منع فيروس كورونا من إصابة خلايا جديدة في جسم المريض، من خلال التأثير على إنزيم معين داخل الفيروس نفسه، كما يفعل مع فيروس نقص المناعة البشرية. ومع ذلك، تبين أن ما يبدو سليما من الناحية النظرية غير فعال في الممارسة.
وأظهرت دراسة صينية نشرت في مجلة New England الطبية أنه "لم يُلاحظ أي فائدة في علاج لوبينافير-ريتونافير خارج نطاق الرعاية المعتادة". كما دُعمت نتائجها من قبل بالو، الذي قال إن الأطباء الإيطاليين يتخلون عن هذا الخيار في العلاج لمرضى فيروس كورونا. وفي غضون ذلك، قال نيتيسوف إن خيار لوبينافير-ريتونافير من غير المحتمل أن يكون ناجحا أبدا، لأن فيروس نقص المناعة البشرية ناجم عن الفيروسات المرتدة، التي تختلف تماما عن فيروسات كورونا.
وشارك البروفيسور جورج لومونوسوف، عالم الأحياء الدقيقة في مركز جون إينيس البريطاني، هذا الرأي. وقال لـ RT: "الإنزيمات ليست متطابقة بين الفيروسين، لذا فإن الفعالية غير مؤكدة".
- عقاقير فيروس الإيبولا؟
كان الدواء المسمى remdesivir، الذي طُوّر في الأصل لعلاج فيروس الإيبولا، خيارا علاجيا آخر نوقش على نطاق واسع. ووُصف العقار بأنه "دواء يتيم" (يعالج حالات نادرة للغاية) من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، وظهر العقار كواحد من "العلاجات الواعدة" في العديد من تقارير وسائل الإعلام الغربية. ففي الولايات المتحدة، سارع البنتاغون لتأمين جرعات من الدواء التجريبي للقوات الأمريكية التي أصيبت بالفيروس.
وتتمثل الفكرة في أن remdesivir يدخل في الحمض النووي الريبي الفيروسي (حمض الريبونوكليك) ويوقف التكاثر الفيروسي، ما يجعله علاجا مثاليا- ولكن هذه مجرد نظرية. ويقول الخبراء إن كفاءتها العملية أقل تأكيدا بكثير. وقال نيتيسوف: "ما زلنا لا نملك نتائج إيجابية واضحة في علاج فيروس كورونا"، بينما قال لومونوسوف إنه "يجب اختباره" أولا.
- عقار التهاب المفاصل الروماتويدي
يبدو من غير البديهي في البداية اقتراح العقاقير التي تثبط الاستجابة المناعية، بأنها يمكن أن تساعد في مكافحة العدوى، ولكن مثل العقاقير المضادة للملاريا التي تقمع المناعة والتي نوقشت أعلاه، وجد عقار التهاب المفاصل الروماتويدي يسمى tocilizumab، طريقه إلى قائمة علاج Covid-19 المحتملة.
وتمت الموافقة على هذا العقار لأول مرة للاستخدام ضد فيروس كورونا من قبل الصين. ثم أفاد الأطباء الإيطاليون بأنه يساعد المرضى الذين يعانون من الالتهاب الرئوي الحاد الناجم عن الفيروس. ويمنع Tocilizumab الالتهاب الرئوي الوخيم الذي شوهد لدى المصابين بفيروس كورونا، ويعتقد بالو (Palu) أنه يمكن أن يكون فعالا بشكل خاص في مرحلة "ما قبل الحادة" من المرض.
وأوضح لومونوسوف أن العقار لا يثبط نشاط الفيروس نفسه تماما، ولكنه يخفف الالتهاب الناجم عن العدوى. وبعبارة أخرى، لا يمكن أن يساعد Tocilizumab في وقف الوباء العالمي، لكنه يمكن أن يساعد على الأقل جزءا من المرضى المصابين بـ Covid-19.
- العقاقير القائمة على الإنترفيرون
خيار آخر ينطوي بالضبط على النهج المعاكس لتلك المتوخاة مع هيدروكسي كلوروكين وtocilizumab. وتتضمن هذه الطريقة تحفيز الاستجابة المناعية مع العقاقير القائمة على الإنترفيرون، والتي تستخدم لعلاج مجموعة متنوعة من الأمراض، من التصلب المتعدد إلى السرطان.
ومع فيروس كورونا، تمثّل الأمل في أن العقاقير القائمة على الإنترفيرون التي يمكن أن تمنع تطوير البروتين في الخلايا البشرية، وتمنع الفيروس من التكاثر - تماما كما يحدث عادة كجزء من الاستجابة المناعية الأولية. ومع ذلك، كما يحذر نيتيسوف، فإن مثل هذا النهج يمكن أن يجلب ضررا أكثر من النفع.
وأوضح أن الإنترفيرون "يثبط تطوير البروتين بغض النظر عما إذا كان ينطوي على بروتينات فيروس أو مضيف"، مؤكدا أنه لا يمكن استخدام هذه العقاقير لفترة طويلة لأنها تسبب آثارا ضارة شديدة. ويمكن أن تتضمن هذه الآثار تعطيل تضاعف خلايا الدم.
وبالإضافة إلى ذلك، يبدو أن هذه العقاقير فعالة فقط في الأيام الخمسة الأولى بعد إصابة الشخص، لأن الفيروس عادة ما يطور مقاومة طبيعية للإنترفيرون بعد تلك النقطة، حسبما قال المتخصص الروسي. ونظرا لأن الأعراض الأولى لـ Covid-19 تميل إلى الظهور في موعد لا يتجاوز 12 يوما بعد الإصابة بالفيروس، فمن غير المرجح أن تكون هذه العقاقير مفيدة بشكل خاص.
وبشكل عام، قال كين ميلز، أستاذ أمراض الدم التجريبية في جامعة Belfast، التي نالت مؤخرا منحة لتمويل أبحاث علاج Covid-19، إن الأمل هو أن يحدد الخبراء العلاجات التي يمكن أن تمنع الإصابة بالفيروس أو "تخفف أعراضه"، ما يعني أن عددا أقل من المرضى سيصبحون أكثر عرضة للخطر ويحتاجون إلى علاج مكثف.
ومع ذلك، في حين تم تداول العديد من خيارات العلاج المحتملة بسرعة في وسائل الإعلام، لا يبدو أن أيا منها هو العلاج الذي يبحث عنه العالم. ويبدو أنه في الوقت الحالي، تعتبر الإجراءات الوقائية للمسافة الاجتماعية والحجر الذاتي هي أكثر الطرق الموثوقة للحد من الانتشار، وتظل الكأس المقدسة أسرع تطوير ممكن للقاح مخصص لعلاج Covid-19 .
المصدر: RT