وأبلغ الفيلسوف اليوناني وعالم الرياضيات تاليس ميليتوس، لأول مرة عن الكهرباء الساكنة، في القرن السادس قبل الميلاد، لكن العلماء ناضلوا لعقود من الزمن بعد ذلك، للإجابة عن هذا السؤال الأساسي.
واستعصى على العلماء لأكثر من 2500 عام، تقديم شرح مفصل لكيفية حدوث الكهرباء الساكنة، إلا أن فريقا من جامعة نورث ويسترن، تمكن من التقدم خطوة كبيرة في السعي نحو تفسير السبب في أن فرك سطحين معا يمكن أن يؤدي إلى صدمة كهربائية.
وطور فريق العلماء نموذجا جديدا يوضح أن فرك كائنين معا ينتج الكهرباء الساكنة، عن طريق ثني النتوءات الصغيرة على سطح المواد.
وبغض النظر عن مدى سلاسة مظهر السطح، إلا أنه عند التكبير بما فيه الكفاية، ستلاحظ النتوء والحفر، التي يطلق عليها العلماء اسم "الشذوذ"، وفقا لكريستوفر ميززي، طالب الدكتوراه في علوم وهندسة المواد بجامعة نورث وسترن في إيفانستون بإلينوي، والذي أشار إلى أن هذه الميزات هي المسؤولة عن إنتاج الكهرباء الساكنة.
وقال لورانس ماركس، أستاذ علوم وهندسة المواد في كلية ماكورميك للهندسة بجامعة نورث ويسترن، الذي ترأس الدراسة، إنه، عقب اكتشاف الكهرباء الساكنة، تمكن العلماء من توضيح أن الاحتكاك يسبب شحنا ثابتة لجميع العوازل، وليس الفراء فقط مثل ما وقع في تجربة الفيلسوف اليوناني ميليتوس في عام 600 قبل الميلاد.
وبالنظر إلى المقياس النانومتري، تحتوي جميع المواد على أسطح خشنة مع نتوءات صغيرة لا حصر لها، وعندما تتلامس مادتان وتفركان بعضهما، فإن هذه النتوءات تنحرف وتتشوه.
ووجد فريق ماركس أن هذه التشوهات تؤدي إلى زيادة الفولتية، التي تسبب في النهاية الشحن الثابتة، وتدعى هذه الظاهرة باسم "التأثير المرن الكهربائي"، والتي تحدث عندما ينشأ فصل الشحنة في عازل عن التشوهات.
وباستخدام نموذج بسيط، أظهر الباحثون أن الفولتية الناشئة عن النتوءات أثناء الاحتكاك، هي في الواقع كبيرة بما يكفي لنشوء الكهرباء الساكنة.
ويقول ماركس: "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن الكهرباء التجريبية (الكهرباء الساكنة)، والكهرباء المرنة، والاحتكاك مرتبطة بشكل لا ينفصل".
ويشرح هذا أنه أثناء المشي بجوارب صوفية على السجادة، فإن المزيج بين وزن الجسم والحركة الواسعة، يؤدي إلى انزلاق الألياف الموجودة في الجوارب الخاصة بك ضد الألياف الموجودة في السجادة، وعندما تفرك هاتان المادتان ضد بعضهما، فإن النتوءات على سطح ما تسحب على طول الانحرافات على السطح المقابل، ما يجعلها تنحني. وعندما يحدث هذا الانحناء، يتم سحق الإلكترون الموجود في الذرات التي تشكل الفوارق إلى أشكال غير متماثلة، ما يسبب فرقا بسيطا جدا في الجهد.
وهذه التغييرات في الجهد، حتى وإن كانت صغيرة، تضيف ما يصل إليها. وتكون النتوءات عديدة لدرجة أن سحق سُحب الإلكترونات يؤدي إلى تراكم كبير للكهرباء الساكنة، والتي تكون قوية بما فيه الكفاية لنشعر بها عند لمس مقبض الباب أو مصافحة شخص ما.
يمكن أن يؤثر هذا الفهم المكتشف حديثا للكهرباء الساكنة على العلماء الذين يقومون بتطوير أقمشة تنتج طاقة تولد من الاحتكاك لشحن الأجهزة المحمولة، ما قد يجعل المنتجات أكثر كفاءة.
ومع فهم أفضل للمواد التي تفشل في توليد الكهرباء الساكنة بسهولة، يستطيع المهندسون إنشاء بيئات تصنيع أكثر أمانا.
المصدر: لايف ساينس