وتشتهر إمارة دبي بناطحات السحاب ومراكز التسوق، التي تعمل على تكييف الهواء، ومنشآت التزلج الداخلية، ولطالما اعتُبرت نقيض مفهوم الاستدامة بالنسبة لخبراء البيئة.
ولكن دولة الإمارات تخطط لتغيير هذه الفكرة والسمعة، مع إطلاق مجموعة من المشاريع التي تهدف إلى الحصول على أكثر من 40% من الطاقة، من مصادر متجددة وخفض الاستهلاك بالهامش نفسه، بحلول عام 2050.
ويأتي مشروع "المدينة المستدامة" عبارة عن مستوطنة خاصة في ضواحي دبي، تهدف إلى استهلاك أقل قدر ممكن من الطاقة والمياه.
وتتألف المدينة من 500 فيلا تضم زهاء 3000 شخص، فضلا عن المساحات التجارية والمسجد، وتهدف إلى أن تكون مستوطنة تنتج كل الطاقة التي تحتاجها من مصادر متجددة في الموقع.
وقال كريم الجسر، رئيس معهد SEE، الذراع البحثية لمطور المدينة (Diamond Developers): "المدينة المستدامة هي مختبر حي لاختبار التقنيات والحلول المستقبلية". وفي حديثه مع Thomson Reuters Foundation، أوضح أنه عندما بدأ المشروع قبل 6 سنوات، بدا بناء مشروع الطاقة الصفرية "شبيها بالحلم إلى حد ما"، ولكن "اليوم لم يعد الأمر صعبا، وغدا سيتعين على الجميع القيام بذلك".
ومن مدينة مصدر المجاورة للعاصمة القطرية الدوحة، يعد المشروع أحد التطورات التي أُطلقت في جميع أنحاء المنطقة في السنوات الأخيرة، والتي تهدف إلى أن تكون نموذجا للحياة الصديقة للبيئة في الشرق الأوسط.
- الصحراء الخضراء
تعتبر المنازل والمكاتب والمباني الأخرى مسؤولة عن زهاء 40٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم، وفقا لمركز أبحاث الموارد العالمية (WRI).
وقالت إيما ستيوارت، التي تقود برنامج WRI للكفاءة الحضرية والمناخ، إن هذه القضية ملحة بشكل خاص في الإمارات، حيث تستغل المباني نحو 75٪ من إجمالي الكهرباء التي تُنتج في الدولة، وبصورة رئيسية لتزويد مكيفات الهواء بالطاقة، والتي تحافظ على انتعاش السكان المحليين خلال أشهر الصيف الحارقة.
وفي المدينة المستدامة، سيتحرك السكان في الشوارع على الدراجات أو في سيارات كهربائية صغيرة، تحت ظلال أشجار النخيل التي تحيط بمساحات المنازل المربعة والبيضاء.
وخلال زيارة الموقع، قال الجسر إن الوحدات السكنية مصممة لتجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس، كما أنها مغطاة بطلاء يعكس ضوء الشمس للحفاظ على الحرارة، بينما يُعاد تدوير المياه العادمة لري المناطق الخضراء.
وتقوم Diamond Developers ببناء "مدينة مستدامة" أخرى في إمارة الشارقة، والتي ستكون زهاء ضعف مساحة المدينة المقامة في دبي.
- أرضية التجربة
قال عبد الله البسطي، رئيس المجلس التنفيذي في دبي، إن المشروعات منخفضة الكربون مثل "المدينة المستدامة"، هي أرض اختبار مفيدة للمدن التي تتطلع إلى الطاقة الصديقة للبيئة.
وقالت أليساندرو ميليس، أستاذ الهندسة المعمارية بجامعة بورتسموث البريطانية، إنها ليست رصاصة سحرية ضد ظاهرة الاحتباس الحراري. إنها تجارب جيدة يمكنها أن تخبرنا بالعديد من الأمور، ولكن في هذه اللحظة من الزمن سيكون من المهم التركيز على الطريقة، التي يمكننا بها تغيير النسيج الحضري الموجود لدينا بالفعل".
وأشارت إلى أن أعمال البناء تمثل في المتوسط حوالي 10٪ من إجمالي الانبعاثات الناتجة عن دورة حياة المبنى.
وفي سبتمبر، تعهدت دولة الإمارات أنه بحلول عام 2030، لن تنتج المباني الجديدة جميعها انبعاثات أكثر مما يمكنها استيعابها، وكل المباني الحالية ستحقق هذا الهدف بحلول عام 2050.
المصدر: رويترز