وذهبت بعض الأنباء إلى الربط بين الحادث، والتسريب النووي في مفاعل تشيرنوبل، كما أشارت بعض التعليقات إلى علاقة ذلك بالمفاعل الذي تعتزم شركة "روس آتوم" إنشاءه في منطقة الضبعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، ومدى قدرة التكنولوجيا الروسية في الحفاظ على أمان المفاعل.
حول ذلك، وفي تعليق خاص لـ RT، علق نائب رئيس هيئة الطاقة الذرية الأسبق، الدكتور علي عبد النبي، مؤكدا على أن طبيعة التجارب النووية التي أجريت في شمال روسيا تختلف اختلافا جذريا عن المحطة النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية في مصر.
وأشار عبد النبي إلى أن المفاعل الخاص بالتجارب النووية لا تزيد قدرته على 100-300 ميغاواط، أما محطة الطاقة النووية في الضبعة فتضم أربع مفاعلات نووية قدرة كل منها 1200 ميغاواط، وتمتلك تلك المفاعلات تدريع أمان يسمى "وعاء الاحتواء"، وهو عبارة عن منشأ ضخم يحتوي المفاعل، قادر على مجابهة سقوط طائرة، وتسونامي، وأعاصير، وزلازل، وفيضانات، وهو ليس مفاعل في طور التجارب، وليس للأغراض العسكرية، وإنما مفاعل تجاري لتوليد الطاقة الكهربائية.
وبشأن الحادث الروسي، يتابع نائب رئيس هيئة الطاقة الذرية الأسبق، أن ما وصل إلينا من معلومات لا يكفي لتكوين تصور كامل عن طبيعة الانفجار، لكن ما يمكن تأكيده بالقطع، هو أن الفيديوهات التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي لا علاقة لها بأي انفجار نووي من قريب أو بعيد. فالانفجارات النووية لا يتصاعد منها دخان أسود تحت أي ظرف من الظروف، الدخان الأسود خاص باحتراق المواد الأحفورية. ثم كيف تسنى لأحدهم تصوير الانفجار منذ بدايته وكأنه على علم بوقوع الحادث؟ كما أن المفاعل النووي لا ينفجر، ما يمكن أن ينفجر هو الهيدروجين، أما المفاعل فينصهر، مثلما حدث في تشيرنوبل".
ووفقا للخبير النووي، فإن تلك الأسئلة تطرح أمامنا الرواية الحقيقية لما نراه من تهويل وفقاعات إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي لا يمكن أن تكون بعيدة عن مصالح سوق تصدير الطاقة النووية والمحطات في العالم، والذي أصبحت شركة "روس آتوم" الروسية تتصدره، وشغلت بذلك مواقع الشركات الأمريكية والكندية والفرنسية والكورية الجنوبية، لذلك فمن مصلحة الإعلام الغربي تضخيم الحادث النووي الصغير، والذي لا يمكن بأي حال مقارنته بأي حادث نووي مثل تشيرنوبل وغيره. هذا على حد تعبير الخبير "محض هراء".
وتابع عبد النبي: "إن ما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي ببساطة هو فقاعة و(تريند) تغذيه وسائل الإعلام الغربية بتكهنات ونظريات، ويشعل ذلك على مواقع التواصل جمهور من المستخدمين غير المتخصصين في مجال الطاقة النووية، أو في أي مجال علمي آخر".
ولعقد مثال على الكوارث الضخمة التي تسببها التكنولوجيا وأحجامها المريعة، حادث تسرب الغاز من مصنع "يونيون كاربايد" عام 1984، والذي راح ضحيته في الثواني الأولى من الحادث على الفور 5000 قتيل، في أسوأ حادث صناعي في العالم. وحتى حادث تشيرنوبل، الذي كان الكارثة الأكبر في مجال الطاقة النووية، راح ضحيته 53 قتيلا (بالطبع ذلك لا ينفي خطورة الكارثة، وخطورة التسرب النووي).
إن تجارب التكنولوجيا غالبا ما تحمل ضحايا من العلماء والعاملين في حقلها، لكن الإنسان في تطوره المستمر لا يستطيع الحياة في غنى عنها، ولم يعد بإمكاننا اليوم أن نتخيل حياتنا دون إسهامات التكنولوجيا في شتى مناحي الحياة.
ناصر حاتم
المصدر: RT