لقد استطاع برشلونة "النادي المعجزة" تأكيد هذا القول وفتح بوابة التاريخ التي لطالما كانت عصية على العديد من الأندية الكبيرة، ليتمكن هو فقط من صنع المستحيل وليثبت لعالم الساحرة المستديرة أنه حقا أكثر من مجرد نادٍ.
الحكاية تقول إن فريق برشلونة انهزم 4-0 في حديقة الأمراء، وتقول أيضا إنه عاد بقوة وفاز 6-1 محققا انتصارا تاريخيا سيعشش في الذاكرة إلى أن يتوقف الزمن.
لا أحد يستطيع أن ينكر أن التأهل التاريخي لبرشلونة يعود فضله للاعبيه الأمريكيين الجنوبيين سواريز ميسي ونيمار، فالبرغم من فرض باريس سان جيرمان حصارا حقيقيا على البلوغرانا وكان قاب قوسين أو أدنى من التأهل لدور الثمانية إلا أن هؤلاء الثلاثة بالذات قدموا أداء لا يمكن وصفه إلا برابع المستحيلات لأن الأغلبية توقعوا تأهل البي أس جي قبل انطلاق صافرة البداية.
ستة أهداف لهدف هي الحصيلة التي خرج منها نادي برشلونة في مرمى منافسه باريس سان جيرمان محققا نتيجة لا يتوقعها أعتى المنجمين في عالم الساحرة المجنونة بفضل الـ MSN.
فالأورغوياني لويس سواريز الذي يشكل إزعاجا دائما لدفاعات الخصم في كل عملية هجومية تمكن من التوقيع على الهدف الأول منذ الدقيقة الثالثة ومن خلاله مهد للفوز بالمباراة مؤكدا أن الذي يرتدي الرقم تسعة يستطيع أن يسجل بهذه السرعة في الواقع كما لو أنه في الأحلام.
أما ميسي فكان في تلك الموقعة أفضل الحقائق، إنه حقيقة ملموسة وقوية، تمكن البرغوث من تسجيل ثالث أهداف برشلونة في الدقيقة الخمسين من ركلة جزاء( بعد هدف كوروزا ضد مرماه في الدقيقة الأربعين) ليؤكد مرة أخرى أنه أسطورة بخمس كرات ذهبية، يهيمن على عالم الساحرة المستديرة عندما يريد، لأنه في أي وقت يستطيع أن يفرض شراسة غير مسبوقة ويسعى دائما للتفوق على نفسه ويركض بلا حدود.
ولم يكن ميسي المهاجم الوحيد الذي صنع التاريخ خلال المباراة، فزميله البرازيلي نيمار أحرز في مناسبتين وصنع المجد أيضا من (ركلة حرة وركلة جزاء ومن خلال توزيعة رائعة تابعها سيرجيو روبيرتو محرزا هدف التأهل) ليثبت أنه من الممكن دائما إحياء التقليد البرازيلي، فهذا اللاعب الشاب القادم من بلاد السامبا لم يعتد على أداء الأدوار الثانوية خاصة وأنه استأثر بالأضواء كلها وألِف اللعب على أرقى مستوى.
أما باريس سان جيرمان فصحيح أن بداية النادي الفرنسي كانت متذبذبة هذا الموسم، وربما لغياب نجمه المتألق على مدى السنوات الأخيرة زلاتان إبراهيموفيتش المنتقل إلى مانشستر يونايتد الصيف المنصرم بيد أن بطل فرنسا لم يستطع أن ينتهز فرصته بتسجيل هداف فريقه الحالي إدينسون كافاني هدفا قاتلا في الدقيقة الثانية والستين 3-1 والتي كانت تصب في مصلحته، ولو حافظ على تلك النتيجة لكانت ستمكنه من التأهل للدور المقبل وربما تجاوز الدور ربع النهائي والذي يمثل أعلى مرتبة وصل إليها على مر التاريخ.
إذاً فوز برشلونة في هذه الملحمة التاريخية غاية في الاستثنائية ويعيدني في الذاكرة إلى موسم 1998-1999، عندما حقق اليونايتد أعظم فوز في مسيرته في ليلة لا تنسى بـ"برشلونة" حين اتخذ فيرغسون قرارا "تاريخيا" بإقحام البديلين تيدي شيرينغهام وأولي جونار سولسكاير في نهائي دوري أبطال أوروبا أمام بايرن ميونيخ، وشاءت الأقدار في تلك الليلة "المجنونة" أن يسجل هذان اللاعبان هدفين في الوقت بدل الضائع، ليمنحا لقب البطولة الغالية لفريقهما، ولو كان فيرغسون حاضرا أمس في الكامب نو لسمعناه يقول مرة أخرى كما قال عقب فوزه على البايرن "لا يمكنني أن أصدق ذلك، لا يمكنني أن أصدق ذلك، كرة القدم جهنمية".
أما أنا فأقول "كرة القدم جحيم لا يرحم" وسيبقى ثمن نهائي أمم أوروبا بين برشلونة وباريس سان جيرمان في ذاكرة التاريخ مطبوعا في سجلات أهم بطولة في العالم على مستوى الأندية.
فادي سيمير