قبل كأس العالم لكرة القدم التي نُظم في الولايات المتحدة عام 1994، وصف بيليه نفسه الكولومبيين بـ" الحصان الأسود"، ويقصد أنه فريق قوي لا يلتفت إليه أحد، ولم يستبعد حصولهم على ميداليات، أو حتى لقب البطولة.
ملك كرة القدم كانت لديه أسباب لقول ذلك، فخلال التصفيات التأهيل لكأس العالم، هزم المنتخب الكولومبي الأرجنتين 5-0 في بوينس آيرس، واستقبلوا في بلادهم كأبطال، حتى الرئيس الكولومبي حينها سيزار جافيريا، انتقل إلى المطار لاستقبالهم، ورافق الموكب مع اللاعبين في رحلة إلى العاصمة بوغوتا، بمشاركة ما لا يقل عن 40.000 مشجع.
البعض توقع معجزة من المنتخب الكولومبي في الولايات المتحدة، إلا أن ما جرى كان مختلفا تماما، تعرض لهزيمة منذ المباراة الأولى، من رومانيا بنتيجة 1:3. وفي المقابلة الثانية، حدثت "سقطة" إسكوبار. كان المنتخب الأمريكي خاسرا بنتيجة 1: 2، وفي الدقيقة 34، حاول أندريس المدافع، اعتراض تسديدة من اللاعب الأمريكي جون هاركس، وزحف نحوها بكل قوة فاصطدمت بقدمه ودخلت في مرماه. النصر في المقابلة الثالثة على سويسرا لنتيجة 2-0 لم يغير من الأمر شيئا، وعاد المنتخب الكولومبي إلى بلاده قبل الموعد خائبا، وخابت أيضا توقعات بيليه.
كانت رسائل التهديد قد بدأت تصل إليه، حتى قبل وصوله إلى كولومبيا من الولايات المتحدة. أصدقاؤه من لاعبي المنتخب نصحوه بأن يبقى لفترة إلى أن تهدأ النفوس والخواطر، وخاصة أن مشجعين كولومبيين كانوا توعدوا بتمزيق "الخونة" من اللاعبين الذين خيبوا آمالهم.
إسكوبار كان صرح بعد عودته إلى بلاده بأنه يرى كوابيس في منامه، مشيرا إلى أنه يرى باستمرار في الحلم "كيف تطير الكرة من قدمي إلى الشبكة"، مشيرا في نفس الوقت إلى أن هذا هو حال "هي اللعبة، في بعض الأحيان تحدث مثل هذه الأشياء غير السارة في كرة القدم".
وتحول الهدف المرتد إلى قاتل:
دخل اللاعب المدافع في المنتخب الكولومبي أندريس إسكوبار في 2 يوليو 1994 إلى حانة في مسقط رأسه ميديلين. تناول مشروبا وتسامر مع أصدقاء.
كان كل شيء يسير على ما يرام إلا أن التفت إلى إسكوبار اثنان من رواد الحانة، هما الأخوان بيدرو وسانتياغو غاليون، وهما تاجرا مخدرات معروفين في المدينة، وكانا في حالة ثمل وبدأا في التنمر على لاعب منتخب بلادهم لكرة القدم الذي كان يطلق عليه لقب "فارس كرة القدم" بسبب اتقانه للدفاع ولعبه النبيل، وتهنئته بسخرية مريرة على هدفه.
حاول لاعب المنتخب الكولومبي تلافي الأسوأ وغادر الحانة مسرعا إلى موقف السيارات. حين حاول ركوب سيارته، أطلقت على رأسه ست رصاصات من مسافة قريبة.
توفي مدافع المنتخب الكولومبي بعد 45 دقيقة. وصل الأطباء إليه في موقف السيارات ونقلوه إلى المستشفى، لكن تبين أن إصابته كانت قاتلة.
اتهم أمبرتو مونوز كاسترو، الحارس الشخصي للأخوين غاليون بالقتل، وقيل إنه أطلق الرصاص وهو يردد نفس العبارة التي كان رددها تاجرا المخدرات وهي : "شكرا لك على تسجيل هذا الهدف".
ذلك الهدف العكسي حرم الكولومبيين من تذكرة التصفيات، وكلّف المدافع أندريس إسكوبار، حياته.
لا يزال البعض يشكك في أن يكون الحارس هو القاتل، ويعتقد أنه تحمل مسؤولية إطلاق النار لإبعاد الشبهات عن الأخوين تاجري المخدرات المتنفذين.
حكم على أمبرتو مونوز قاتل إسكوبار بالسجن 43 عاما، قضى منها 11 عاما فقط وأطلق سراحه بشروط، ما زاد من الشائعات حول رعاية زعماء كبار في مافيا المخدرات له.
أما المنتخب الكولومبي لكرة القدم بعد تلك المأساة فقد تأهل لكاس العالم عام 1998 في فرنسا، إلا أنه فشل مرة أخرى في الخروج من مجموعته، وكتبت وسائل الإعلام المحلية تقول إن أعضاء المنتخب "يخشون اللعب بعد مقتل اسكوبار، وبينهم من رفض دعوات للعب في التشكيلة".
المصدر: RT