وتأخذنا الإجابة عن هذا السؤال في رحلة مذهلة من خلال الفضاء والوقت والفيزياء والقياس، وغير ذلك، وتدعو دراسات العصر الحديث إلى التشكيك في سرعة الضوء لأول مرة منذ قرون.
وتجدر الإشارة إلى أن الإجماع العام في بداية القرن السابع عشر، كان يقوم على أن الضوء لا يوجد له سرعة، وكانت تشكل هذه الفكرة تحديا كبيرا، خلال العام 1600.
ووضع العالم الهولندي، إسحاق بيكمان، عام 1629، سلسلة من المرايا حول البارود المتفجر لمعرفة ما إذا كان هنالك أي فرق واضح عند ظهور ومضات الضوء.
وللأسف، كانت النتائج غير حاسمة، ولكن بعد ذلك في عام 1676، لاحظ الفلكي الدنماركي، أوليه رومر، اختلافات غريبة في أوقات الكسوف لأحد أقمار المشتري على مدار السنة.
ويعتقد رومر أن هذا الأمر يرجع لاستغراق الضوء فترة من الوقت للسفر من كوكب المشتري، حيث وضع حساباته لسرعة الضوء التي بلغت نحو 220 ألف كم في الثانية، وهو تقدير جيد نوعا ما، وخاصة بالنظر إلى البيانات المتعلقة بحجم الكوكب، وهي ليست دقيقة كليا.
وساعدت التجارب الأخرى المتعلقة بانتشار أشعة الضوء على كوكبنا، العلماء في الوصول إلى أقرب نقطة من الرقم الصحيح. وفي منتصف عام 1800، قدم عالم الفيزياء، جيمس كليرك ماكسويل، معادلات ماكسويل، وهي طرق قياس المجالات الكهربائية والمغناطيسية في الفراغ.
وحددت معادلات ماكسويل الخواص الكهربائية والمغناطيسية للمساحة الفارغة، وبعد ملاحظة أن سرعة موجة الإشعاع الكهرومغناطيسي، قريبة جدا من سرعة الضوء المفترضة، اقترح ماكسويل أنها قد تكون متطابقة تماما.
واتضح أن ماكسويل كان على حق، حيث يمكننا ولأول مرة قياس سرعة الضوء على أساس ثوابت أخرى في الكون.
وفي الوقت نفسه، اقترح ماكسويل أن الضوء كان في حد ذاته عبارة عن موجة كهرومغناطيسية، وبعد تأكيد هذه الفكرة، استغلها، ألبرت آينشتاين، عام 1905، وأدخلها لتكون جزءا من نظريته النسبية الخاصة.
واليوم، تعتبر سرعة الضوء، أو "c"، كما هو معروف، حجر الزاوية في النسبية الخاصة، على عكس المكان والزمان، التي تقول بأن سرعة الضوء ثابتة بالنسبة لكل المراقبين.
وقام العلماء بقياس سرعة الضوء مرة أخرى، عبر مشاهدة طرق عمل الجاذبية على الكواكب، حيث أدت جميع التجارب إلى نفس الرقم.
ومع ذلك، فإن القصة لا تنتهي هنا، وذلك بفضل نظرية الكم، هذا الفرع من الفيزياء الذي يشير إلى أن الكون قد لا يكون ثابتا كما نعتقد.
وتقول نظرية الحقل الكمي إن الفراغ ليس خاليا تماما، فهو ممتلئ بالجسيمات الأولية، التي ظهرت بسرعة داخل وخارج الفضاء، حيث تخلق هذه الجزيئات تموجات كهرومغناطيسية على طول الطريق، ويمكن أن تسبب اختلافات في سرعة الضوء.
والجدير بالذكر، أن الدراسات في هذا المجال مستمرة، ولا يمكننا التأكيد بطريقة أو بأخرى على فكرة عدم وجود الاختلاف. وفي الوقت الراهن، ما تزال سرعة الضوء نفسها كما كانت لعدة قرون.
المصدر: ساينس أليرت
ديمة حنا