مباشر

ناسا تحدد "الموقع المثالي" للهبوط البشري على المريخ

تابعوا RT على
أعلن فريق بحثي بقيادة جامعة ميسيسيبي عن اكتشاف بالغ الأهمية على سطح المريخ، حيث تم رصد جليد مائي على عمق ضحل يقل عن متر واحد في منطقة "أمازونيس بلانيشيا" (Amazonis Planitia). 

وهذا الاكتشاف لا يمثل مجرد إضافة إلى معرفتنا بالكوكب الأحمر، بل يقدم حلا عمليا لأحد أكبر التحديات التي تواجه خطط إرسال بعثات بشرية إلى هناك، ألا وهو تأمين مصدر للمياه.

وتكمن أهمية هذا الاكتشاف في كونه يتعلق بالماء، وهو المورد الحيوي الذي لا غنى عنه لأي محاولة جادة لإقامة وجود بشري على المريخ. فالماء لا يحتاجه الرواد للشرب فحسب، بل هو أساسي لإنتاج الأكسجين للتنفس، وصنع الوقود للصواريخ، والعديد من التطبيقات الأخرى التي تدعم الحياة. 

وكما أوضحت الدكتورة إيريكا لوزي، العالمة الجيولوجية التي قادت الدراسة، فإن الاعتماد على الموارد المحلية يعد مفتاحا لنجاح أي بعثة بشرية طويلة الأمد، لأنه يقلل من الحاجة إلى نقل كميات هائلة من الإمدادات من الأرض، وهي عملية مكلفة وتستغرق شهورا.

ويمتاز الموقع المكتشف بموقعه الجغرافي الفريد في خطوط العرض المتوسطة للمريخ، حيث يجمع بين خاصيتين حاسمتين: فهو يتلقى كمية كافية من ضوء الشمس لتوليد الطاقة عبر الألواح الشمسية، وفي الوقت نفسه يبقى باردا بما يكفي للحفاظ على الجليد المائي قرب السطح دون أن يتبخر. 

وهذا التوازن يجعله مرشحا مثاليا ليكون موقعا لمستوطنة بشرية مستقبلية، حيث يوفر مصدرا للطاقة وآخر للمياه في آن معا.

وللتأكد من وجود الجليد، استخدم العلماء صورا عالية الدقة التقطتها كاميرا HiRISE على متن المركبة المدارية "مارس ريكونيسانس أوربيتر" التابعة لناسا. 

وتظهر هذه الصور عدة مؤشرات قوية، منها فوهات حديثة تكشف عن مادة زرقاء يعرف بأنها جليد مائي، وأنماط مضلعة على السطح تتشكل عادة نتيجة تجمد المياه وذوبانها، بالإضافة إلى منحدرات زرقاء موسمية تشير إلى احتمال تدفق مياه مالحة. وهذه العلامات مجتمعة تشكل أدلة مقنعة على وجود مخزون جليدي قريب من السطح.

لكن أهمية هذا الاكتشاف تتجاوز مجرد دعم البعثات البشرية، إذ تمتد إلى مجال البحث عن الحياة خارج الأرض. فالجليد يعمل كأرشيف طبيعي قادر على حفظ الأدلة على حياة ميكروبية سابقة، إن وجدت، كما يمكن أن يشكل بيئة مناسبة لحياة ميكروبية حالية في المياه السائلة التي قد تتكون تحت السطح. وهذا يفتح آفاقا جديدة لعلماء الأحياء الفلكية في سعيهم للإجابة عن سؤال وجود حياة على كواكب أخرى.

ورغم قوة الأدلة، يؤكد العلماء أن الطريق ما يزال طويلا قبل التأكد الكامل من طبيعة وكمية هذا الجليد. فالخطوة التالية تتطلب استخدام أدوات رادار خاصة لقياس عمق وانتشار الجليد بدقة، يليها إرسال مركبة آلية لأخذ عينات مباشرة من الموقع واختبار تقنيات استخراج الماء وتحويله إلى موارد قابلة للاستخدام. كما أشار جياكومو نودجومي، الباحث في وكالة الفضاء الإيطالية والمشارك في الدراسة، إلى أن التأكد النهائي يتطلب قياسات مباشرة على أرض الواقع.

أما في ما يتعلق بالجدول الزمني للبعثات البشرية، فتظل التقديرات متحفظة. فبينما يعطي هذا الاكتشاف دفعة قوية للخطط المستقبلية، فإن التحديات التقنية والصحية العديدة، مثل حماية الرواد من الإشعاع الكوني والتكيف مع جاذبية المريخ المنخفضة، تعني أن أول هبوط مأهول على الكوكب الأحمر قد لا يتحقق قبل منتصف ثلاثينيات القرن الحالي على أقرب تقدير.

وباختصار، يمثل هذا الاكتشاف خطوة عملية مهمة نحو تحقيق الحلم البشري بغزو المريخ. فهو لا يثبت فقط إمكانية العثور على المياه هناك، بل يحدد موقعا محددا حيث يمكن الوصول إلى هذا المورد الحيوي بسهولة نسبية. 

وقد يصبح هذا الموقع يوما ما نقطة الانطلاق لأول مستعمرة بشرية على كوكب آخر، حيث يستخدم سكان المستقبل موارد المريخ نفسه لبناء حياة جديدة، محققين بذلك قفزة تاريخية في رحلة البشرية إلى الفضاء.

المصدر: ساينس ديلي

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا