واكتشف علماء الفلك هذا الهيكل الفائق الضخامة الذي أطلق عليه اسم "الحلقة الكبيرة" نظرا إلى شكله الحلقي الذي يبدو مثاليا بشكل كبير، والذي يبلغ محيطه نحو أربعة مليارات سنة ضوئية، على بعد نحو 9.2 مليار سنة ضوئية.
وحدد العلماء الحلقة الكبيرة في الضوء الذي سافر لمدة 6.9 مليار سنة للوصول إلينا.
وتتكون "الحلقة الكبيرة" من مجرات وعناقيد مجرية، ويبلغ قطرها نحو 1.3 مليار سنة ضوئية، وهي مهمة للغاية بالنسبة للعلماء لدرجة أنها قد تؤدي إلى إعادة كتابة النموذج القياسي للكون.
وتم تقديم هذا الاكتشاف، بقيادة عالمة الفلك أليكسيا لوبيز من جامعة سنترال لانكشاير، إلى الجمعية الفلكية الأمريكية في يناير الماضي.
وهذا هو الهيكل العملاق الثاني الذي حددته لوبيز وزملاؤها بعد ما يسمى بـ"القوس العملاق"، والذي يقع في نفس الجزء من السماء، على نفس المسافة.
وعندما أُعلن عن اكتشاف القوس عام 2021، قوبل بحيرة واسعة من قبل علماء الفلك، والتي تفاقمت عقب اكتشاف "الحلقة الكبيرة".
وقالت لوبيز في بيان: "ليس من السهل تفسير أي من هذين الهيكلين الفائقي الضخامة من خلال فهمنا الحالي للكون. ومن المؤكد أن أحجامها الكبيرة جدا وأشكالهما المميزة وقربهما الكوني تخبرنا بشيء مهم، ولكننا لا نعرف ما هو بالضبط؟".
وأحد الاحتمالات التي قدمها العلماء هو أن "الحلقة الكبيرة" مرتبطة بما يُعرف باسم ذبذبات باريون الصوتية (BAO)، وهي تقلبات في كثافة المادة الباريونية المرئية (المادة الطبيعية) للكون (الباريونات هي الجسيمات الأثقل من البروتون والنيوترون)، بسبب موجات الكثافة الصوتية في البلازما البدائية للكون المبكر.
وأوضحت لوبيز أن أجسام ذبذبات باريون الصوتية يتم إنشاؤها بواسطة الذبذبات في الكون المبكر، ويجب أن تظهر اليوم، على الأقل إحصائيا، على شكل كرات.
وهذه الترتيبات الدائرية العملاقة للمجرات التي تظهر في جميع أنحاء الفضاء هي في جوهرها حفريات الموجات الصوتية التي تجمدت عندما أصبح الفضاء شاسعا جدا لدرجة أن الموجات لم تعد قادرة على السفر، كما يشير موقع Science Alertnotes.
ومع ذلك، خلص العلماء إلى أن "الحلقة الكبيرة" لا يمكن أن تكون ذبذبات باريون الصوتية لأن جميعها ذات حجم ثابت يبلغ قطرها نحو مليار سنة ضوئية. ويظهر الفحص الدقيق لـ"الحلقة الكبيرة" أنها أشبه بشكل المفتاح تمت محاذاته بطريقة تبدو كحلقة.
وتتحدى "الحلقة الكبيرة" المبدأ الكوني الذي ينص على أنه على نطاق واسع يجب أن يبدو الكون متماثلا تقريبا في كل مكان. وتتشكل الهياكل الكبيرة في الكون من خلال عملية تعرف باسم عدم استقرار الجاذبية ولكن هناك حدا لحجم ذلك، وهو نحو 1.2 مليار سنة ضوئية. وأي شيء أكبر من ذلك لن يكون لديه الوقت الكافي للتشكل.
وتقول لوبيز: "يحسب علماء الكون الحد الأقصى النظري الحالي للهياكل هو 1.2 مليار سنة ضوئية، ومع ذلك فإن كلا هذين الهيكلين أكبر بكثير، فالقوس العملاق أكبر بثلاث مرات تقريبا ومحيط الحلقة الكبيرة يمكن مقارنته بطول القوس العملاق. ووفقا للنظريات الكونية الحالية، لم نعتقد أن الهياكل على هذا النطاق ممكنة".
وهذا يطرح مشكلة كبيرة لكيفية فهم تطور الكون. ولذلك، فقد وقع على عاتق الخبراء تقديم بدائل للنموذج القياسي لعلم الكونيات.
وأحد هذه النماذج، الذي اقترحه روجر بنروز، الحائز على جائزة نوبل، يُعرف باسم علم الكونيات الدوري المطابق (CCC).
وتفترض هذه النظرية أن الكون يمر بدورات توسع لا نهاية لها للانفجار العظيم، ما يعني أن الهياكل الحلقية أمر لا مفر منه.
والاحتمال الآخر هو أن الهياكل هي نوع من "الخلل الطوبولوجي" في نسيج الزمكان المعروف باسم الأوتار الكونية.
ومؤخرا، افترض جيم بيبلز، الحائز على جائزة نوبل، أن الأوتار الكونية يمكن أن يكون لها دور في أصل بعض الحالات الشاذة الأخرى في توزيع المجرات على نطاق واسع.
وهذه الأوتار عبارة عن "تجاعيد" واسعة النطاق ظهرت في الكون المبكر مع تمدد الزمكان، ثم تجمد في مكانه، وفقا لتقرير موقع "سايني ألرت" .
وبينما لا يوجد حاليا سوى القليل من الأدلة المادية عليها، فإن الأدلة النظرية مقنعة جدا.
وعلى أية حال، فإن اللغز المتعلق بماهية الحلقة الكبيرة والقوس العملاق، وما يعنيه ذلك بالنسبة لعلم الكونيات، ما يزال دون حل.
ويأمل الخبراء الآن في العثور على المزيد من مثل هذه الترتيبات للمجرات، المخفية على مرأى من الجميع، لمعرفة ما إذا كانت ستعطي رؤى أكثر وضوحا حول أصولها.
المصدر: indy100.com