وغالبا ما يُطلق على كوكب الزهرة اسم "توأم الأرض الشرير" نظرا لأن حجمه مشابه لكوكبنا تقريبا. كما أنه في الماضي البعيد، ربما كان الزهرة يحتوي على كميات كبيرة من الماء السائل. ومع ذلك، شهد الكوكب الثاني من حيث المسافة من الشمس تحولا جذريا في مراحل لاحقة. ويُعرف كوكب الزهرة الآن بغلاف جوي قاتل غني بثاني أكسيد الكربون ودرجة حرارة سطحية لاذعة تبلغ 470 درجة مئوية.
وتشير بيانات المسبار BepiColombo إلى أنه تم تجريد الغازات من الغلاف الجوي العلوي للكوكب.
وقالت لينا حديد، الباحثة في المركز الوطني للبحث العلمي في مختبر فيزياء البلازما (LPP) والمؤلفة الرئيسية للدراسة: "هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها ملاحظة هروب أيونات الكربون موجبة الشحنة من الغلاف الجوي لكوكب الزهرة".
ويشير الفريق إلى أن النتائج الأخيرة قد تساعد العلماء على فهم كيفية خضوع كوكب الزهرة لتطور دراماتيكي، وفقدان محتواه المائي.
وجمعت المركبة الفضائية BepiColombo المتجهة إلى عطارد بيانات من جزء من البيئة المغناطيسية لكوكب الزهرة لم تتم دراستها من قبل. وأشارت النتائج إلى أن ذرات الكربون والأكسجين تتسارع إلى سرعات عالية بحيث يمكنها الهروب من جاذبية الكوكب.
وعلى عكس الأرض، يفتقر كوكب الزهرة إلى المجال المغناطيسي الخاص به. وبدلا من ذلك، فإنه يتفاعل مع الرياح الشمسية لتوليد "غلاف مغناطيسي مستحث" ضعيف، وهي منطقة غالبا ما توجد حول كوكب يهيمن عليه مجاله المغناطيسي.
ويتكون الغلاف المغناطيسي عندما يتفاعل فيض من الجسيمات المشحونة مع مجال مغناطيسي لكوكب ما، حيث تتباطأ الرياح الشمسية السريعة وتسخن.
ومر BepiColombo عبر الغلاف المغناطيسي لكوكب الزهرة في 10 أغسطس 2021. وأجرت أدوات المسبار، محلل الطيف الكتلي (MSA) ومحلل أيونات الزئبق (MIA)، أكثر من 90 دقيقة من الملاحظات. خلال هذا الوقت، حصل المسبار على بيانات حول الآليات الكيميائية والفيزيائية التي تؤدي إلى الهروب من الغلاف الجوي.
وأوضحت حديد في بيان صحفي: "هذه أيونات ثقيلة وعادة ما تكون بطيئة الحركة، لذلك ما زلنا نحاول فهم الآليات الموجودة. وربما تكون الرياح الكهروستاتيكية (قوة التجاذب أو التنافر) هي التي ترفعها بعيدا عن الكوكب، أو يمكن تسريعها من خلال عمليات الطرد المركزي".
ووفقا للعلماء: "تشير النتائج الأخيرة إلى أن الهروب الجوي من كوكب الزهرة لا يمكن أن يفسر بشكل كامل فقدان محتواه المائي التاريخي".
وقالت موا بيرسون، من المعهد السويدي لفيزياء الفضاء، والمؤلفة المشاركة في هذه الدراسة الجديدة: "تعد هذه الدراسة خطوة مهمة لكشف الحقيقة حول التطور التاريخي للغلاف الجوي لكوكب الزهرة، وستساعد البعثات القادمة في سد العديد من الثغرات".
نشرت النتائج في مجلة Nature Astronomy.
المصدر: Interesting Engineering