ويؤكد هذا الأمر نتائج القياسات غير المباشرة التي تم إجراؤها في أواخر السبعينيات بواسطة المسابير الفضائية التي أرسلها الاتحاد السوفيتي إلى كوكب الزهرة وبواسطة بعثة "فينوس إكسبرس" الأوروبية (عام 2009). ونشرت مجلة Nature Communications نتائج الدراسة في مقال لها.
وجاء في المقال:" يُعتبر الأكسجين الذري مكوّنا رئيسيا للغلافين الحراري والجوي لكوكب الزهرة، ولكن حتى الآن تم الحصول على جميع الأدلة المعروفة على وجوده بشكل غير مباشر. قد اكتشفناه لأول مرة وبشكل مباشر في الغلاف الجوي على الجانبين النهاري والليلي لكوكب الزهرة باستخدام مطياف upGREAT لموجات تيراهيرتز".
وتحقق هذا الاكتشاف من قبل مجموعة من علماء الفلك الألمان بقيادة مدير معهد أنظمة الاستشعار البصرية في برلين هاينز فيلهلم هوبرز عند تحليل البيانات التي جمعها المرصد الأمريكي الجوي SOFIA والذي تحمله طائرة "بوينغ – 747" الخاصة. ووضع العلماء على متن هذه الطائرة، مطياف قاموا بتطويره، ليستطيع التقاط وتحليل خصائص ذبذبات أشعة تيراهيرتز.
وتُنتج مثل هذه الذبذبات، كما أوضح الباحثون، عن العديد من الذرات والجزيئات الموجودة في أجواء كواكب المجموعة الشمسية، ما يجعل من الممكن دراسة تركيبها الكيميائي. واستفاد الباحثون من ميزة مطياف upGREAT هذه للبحث عن آثار للأكسجين الذري في مناطق مختلفة من الغلاف الجوي لكوكب الزهرة، حيث يُعتقد أنه يلعب دورا مهما في دوران أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكربون وتفاعلاتهما مع الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس. وقد تم اكتشاف آثار محتملة للأكسجين الذري في الغلاف الجوي لكوكب الزهرة في الماضي بواسطة البعثتين السوفييتيتين "فينيرا 11 " و"فينيرا 12" والمسبار الأوروبي "فينوس إكسبريس."
أكدت القياسات التي أجريت باستخدام upGREAT أن الأكسجين الذري موجود بالفعل في الغلاف الجوي لكوكب الزهرة في 17 منطقة مختلفة على الأقل من الكوكب، ويقع بعضها على جانبه المضيء، والبعض الآخر في نصف الكرة للزهرة الذي كان في ظل الشمس آنذاك. وتركزت الاحتياطيات الرئيسية من الأكسجين على ارتفاع حوالي 100 كيلومتر من سطح كوكب الزهرة، بين أكبر طبقتين من غلافه الجوي تدوران في اتجاهين متعاكسين، ولهما خصائص فيزيائية مختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، اكتشف العلماء أنه في المتوسط، يوجد الأكسجين الذري في نصف الكرة المضاءة من كوكب الزهرة أكثر بعدة أضعاف مما هو عليه في الجانب "الليلي". ويؤكد هذا الأمر الفرضية المقبولة عموما بأن الأكسجين الذري يتشكل على كوكب الزهرة نتيجة للتفاعلات بين الأشعة فوق البنفسجية القادمة من الشمس وجزيئات ثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون. ويأمل الباحثون أن تجعل هذه المعلومات زملائهم المنظرين أقرب إلى فهم كيفية تحول كوكب الزهرة من نظير قريب للأرض إلى كرة ساخنة خالية من الكائنات الحية.
المصدر: تاس