وتبين أنه ثقب إكليلي، وهو مكان في الغلاف الجوي الخارجي للشمس حيث تنخفض درجة الحرارة. ولا تتوهج هذه البقع "الباردة" مثل بقية ضوء الشمس، ما يجعلها تبدو في الصور سوداء، مثل ثقب عميق.
وبينما كانت Solar Orbiter تراقب الثقب، في مارس 2022، رصدت أجهزتها القوية العاملة بالأشعة فوق البنفسجية شيئا لم يره أحد من قبل: توهجات صغيرة جدا تندلع في كل مكان.
لم يتمكن العلماء سابقا من اكتشاف التوهجات الصغيرة لأنها صغيرة جدا، بمقاييس الطاقة الشمسية.
ويبلغ طول كل من هذه النفاثات اللامعة من البلازما بضع مئات من الكيلومترات، وتختفي بعد 20 إلى 100 ثانية. وقال لاكشمي براديب تشيتا، عالم الفيزياء الشمسية لمجلة Nature، إن كل واحدة منها تطلق طاقة تعادل ما تستهلكه ما بين 3000 إلى 4000 أسرة أمريكية في العام.
وهذا لا شيء بالمقارنة مع التوهجات الشمسية التي اعتاد عليها العلماء. يُطلق على أكبر نوع من الانفجارات الشمسية اسم التوهج من الفئة X، والذي تنبعث منه طاقة تعادل مليار قنبلة هيدروجينية.
وتتمتع التوهجات المكتشفة حديثًا بطاقة أقل بمقدار 1000 مرة من التوهج النانوي، وهو ما يعادل واحدًا على تريليون من طاقة التوهج X. لذلك يطلق عليها العلماء اسم "picoflares"، في دراسة جديدة للنتائج التي نشرت في مجلة Science.
ونظرا لأن هذه التوهجات الصغيرة كانت موجودة في جميع أنحاء الثقب الإكليلي، فإن الباحثين يشتبهون في أنها موجودة في جميع أنحاء الشمس أيضا.
ويمكن لـ Picoflares أن تكشف أحد أكبر أسرار الشمس: كيف تنتج تيارا قويا من الجسيمات المشحونة كهربائيًا والمجالات المغناطيسية القوية، التي تضرب الأرض باستمرار.
ويتم شحن هذا التيار، الذي يسمى "الرياح الشمسية"، عندما يتم توجيه الثقوب الإكليلية أو التوهجات الشمسية الكبيرة نحو كوكبنا. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى حجب إشارات الراديو على الأرض، وتعطيل شبكات الطاقة، وحتى دفع الأقمار الصناعية خارج المدار.
ويريد العلماء فهم الرياح الشمسية حتى يتمكنوا من التنبؤ بها بشكل أفضل، ما يمنح الأرض مزيدا من الوقت للاستعداد لتأثيراتها.
وتدعم النتائج الأخيرة التي توصل إليها مسبار باركر الشمسي التابع لناسا فكرة أن التوهجات الثابتة التي لم تكن محسوسة في السابق يمكن أن تغذي الرياح الشمسية.
وقال تشيتا، الذي قاد دراسة Solar Orbiter وفريق من معهد ماكس بلانك لأبحاث النظام الشمسي، لموقع Space: "إن نفاثات Picoflares التي لاحظناها هي أصغر وأضعف نوع من النفاثات في الهالة الشمسية والتي لم يتم ملاحظتها من قبل".
وأطلقت ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية Solar Orbiter في عام 2020، بهدف دراسة الرياح الشمسية من مصدرها. ويأمل العلماء أن يتنبأوا يومًا ما بشكل أفضل بالطقس الفضائي القادم من الشمس.
المصدر: ساينس ألرت