وحتى الآن، كانت "النجوم المظلمة" موجودة نظرياً. ويصل سطوعها إلى 10 مليارات مرة سطوع شمسنا، ويُعتقد أنها كانت موجودة في وقت مبكر من الكون قبل أن تتشكل أنواع النجوم التي نراها اليوم.
وإذا تأكدت النتائج المنشورة في مجلة PNAS، فقد تكشف عن رؤى جديدة حول نوع المادة التي ما تزال واحدة من أكثر الألغاز تعقيدا إذ لم يتم حلها في الفيزياء بأكملها.
وتمثل "النجوم المظلمة" بداية الفجر الكوني، لكنها تكتسب أهمية إضافية لأنها، كما تقول النظرية، مدعومة بجسيمات المادة المظلمة.
والمادة المظلمة هي عنصر نظري من الكون، لكنه غير مكتشف، ويتوقع وجودها بناء على جاذبيتها، لأنها لا تمتص الضوء أو تعكسه أو ينبعث منها، ما يجعل من الصعب للغاية اكتشافها.
وقالت كاثرين فريز، المؤلفة المشاركة في الدراسة من جامعة تكساس في أوستن: "اكتشاف نوع جديد من النجوم مثير للاهتمام بحد ذاته، لكن اكتشاف المادة المظلمة سيكون اكتشافا ضخما".
وعلى الرغم من أن التقديرات تشير إلى أن المادة المظلمة تشكل نحو ربع الكون المعروف (نحو 25%)، إلا أن طبيعتها استعصت على العلماء الذين يشتبهون في إمكانية تشكّلها بواسطة نوع جديد من الجسيمات الأولية غير المكتشفة.
والمرشح الرئيسي لمثل هذا الجسيم هو الجسيمات الضخمة الضعيفة التفاعل. ويُشتبه في أن هذه الجسيمات تقضي على نفسها عندما تصطدم، وتُودِع الحرارة في سحب الهيدروجين المنهارة وتحولها إلى نجوم مظلمة لامعة.
وقد يفتح التعرف على مثل هذه "النجوم المظلمة" الفائقة الكتلة، والتي يمكن أن تنمو لتصل إلى عدة ملايين مرة كتلة الشمس وتصل إلى 10 مليارات مرة أكثر سطوعا منها، أبوابا جديدة لفهم المادة المظلمة.
ويمكن للنجوم المظلمة أيضا أن تكشف عن إحدى الملاحظات الغامضة لتلسكوب جيمس ويب التي تشير إلى وجود عدد كبير جدا من المجرات الكبيرة في الكون المبكر لتناسب تنبؤات أصل الكون ومصيره.
وقالت الدكتورة فريز: "من الأرجح أن شيئا ما ضمن النموذج القياسي لعلم الكونيات يحتاج إلى ضبط، لأن اقتراح شيء جديد تماما، كما فعلنا، يكون دائما أقل احتمالا. لكن إذا كانت بعض هذه الأجسام التي تبدو وكأنها مجرات قديمة هي في الواقع نجوماً مظلمة، فإن محاكاة تكوين المجرات تتفق بشكل أفضل مع الملاحظات".
وتم تحديد النجوم الثلاثة المظلمة المحتملة - JADES-GS-z13-0 وJADES-GS-z12-0 وJADES-GS-z11-0 - في الأصل على أنها مجرات في ديسمبر الماضي.
وتشير الأبحاث إلى أنها كانت موجودة بعد نحو 320-400 مليون سنة من الانفجار العظيم، ما يجعلها من أقدم الأجسام التي شوهدت على الإطلاق.
ومع ذلك، وفقا للدكتورة فريز: "يشير تحليل جديد للبيانات إلى وجود احتمالين متنافسين لهذه الكائنات. أحدهما هو أنها مجرات تحتوي على ملايين النجوم العادية من فئة جمهرة النجوم الثالثة ( Population III stars). والآخر هو أنها نجوم مظلمة. وفي الواقع، هناك نجم مظلم واحد لديه ما يكفي من الضوء لمنافسة مجرة كاملة من النجوم".
ووضع العلماء نظرية لما يمكن أن تفعله المادة المظلمة على الأرجح لتشكيل بعض النجوم الأولى في الكون. وهم يشتبهون في احتمال وجود كتل كثيفة جدا من المادة المظلمة في مراكز المجرات المبكرة جنبا إلى جنب مع سحب من غاز الهيدروجين والهيليوم.
وعندما يبرد الغاز، ينهار ويسحب معه المادة المظلمة. وعندئذ ستفنى جسيمات المادة المظلمة بشكل متزايد بسبب الكثافة المتزايدة من التكتل، مضيفة المزيد والمزيد من الحرارة.
ويعتقد العلماء أن هذا كان سيمنع الغاز من الانهيار على طول الطريق لدعم الاندماج كما يُرى في نجم عادي.
وبدلا من ذلك، كانت السحابة ستستمر في جمع المزيد من الغاز والمادة المظلمة، لتصبح "كبيرة ومنتفخة وأكثر سطوعا من النجوم العادية".
ونتيجة لعملية تكوين النجوم الفريدة هذه، في النجوم المظلمة، على عكس نظيراتها النجمية العادية، فإن مصدر الطاقة سينتشر بالتساوي بدلا من التركّز في اللب.
ومع وجود ما يكفي من المادة المظلمة، يمكن أن تنمو هذه النجوم الغامضة إلى حجم هائل "وحشي" أيضا.
المصدر: إندبندنت