وأثار الغياب الواضح للأمونيا في الغلاف الجوي لكل من أورانوس ونبتون، علماء الفلك لسنوات عديدة.
وتتميز الأمونيا برائحتها الكريهة، وهي شائعة في الكون. ونظرا لأن الغلاف الجوي لأورانوس ونبتون غنيان بمركبات كيميائية أخرى معروفة بوجودها في السحابة البدائية التي تشكلت منها الكواكب، لم يكن لدى العلماء تفسير جيد لغياب الأمونيا في الغلاف الجوي لعمالقة الجليد.
لكن اكتشافا حديثا لأحجار البَرَد العملاقة الغنية بالأمونيا على كوكب المشتري، قد يقدم بعض التفسيرات لهذا اللغز المحير.
وتشير الدراسات إلى أن الأمونيا قد لا تكون مفقودة على الإطلاق، بل ربما تكون مخبأة فقط في طبقات أعمق من الغلاف الجوي للكواكب، حيث لا تستطيع الأدوات العلمية الحالية الوصول إليها.
وساعدت مهمة جونو التابعة لوكالة ناسا، والتي تدور حاليا حول كوكب المشتري، في توفير مفتاح محتمل لحل هذا اللغز.
وقال تريستان غيو، الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية (CNRS) في نيس: "أظهرت مركبة الفضاء جونو أن الأمونيا موجودة بكثرة في كوكب المشتري، لكنها عموما أعمق بكثير "في الغلاف الجوي، مما كان متوقعا".
ووجدت دراسة سابقة، نُشرت العام الماضي في مجلة Nature، أن كرات البَرَد التي تحتوي على الأمونيا تتشكل عاليا في الغلاف الجوي لكوكب المشتري أثناء العواصف الرعدية بفضل قدرة الأمونيا على إذابة الجليد في الماء السائل حتى في درجات حرارة شديدة البرودة تبلغ نحو 162 درجة فهرنهايت تحت الصفر (سالب 90 درجة مئوية).
وعندما تتساقط كرات البَرَد هذه في الغلاف الجوي، فإنها تمتص المزيد والمزيد من الأمونيا، وتتراكم في النهاية ما يصل إلى 2.2 رطل (1 كيلوغرام) من الكتلة. ويتم نقل الأمونيا في عمق الغلاف الجوي، حيث تظل مغلقة أسفل قاعدة السحابة.
وقال غيو، خلال مؤتمر Europlanet Science (EPSC) 2021، في 24 سبتمبر: "ما تعلمناه في كوكب المشتري يمكن تطبيقه لتوفير حل معقول لهذا اللغز في أورانوس ونبتون"
وتابع"تشير الكيمياء الديناميكية الحرارية إلى أن هذه العملية أكثر كفاءة في أورانوس ونبتون، وأن منطقة أصل البَرَد تمتد وتحدث على أعماق أكبر".
وهذا يعني أنه، تماما كما هو الحال في كوكب المشتري، قد تكون أمونيا أورانوس ونبتون مخفية ببساطة في أعماق الغلاف الجوي. ويقيس العلماء حاليا تكوين الغلاف الجوي لهذه الكواكب البعيدة للنظام الشمسي عن طريق تحليل الأشعة تحت الحمراء والتوقيعات الراديوية للغلاف الجوي بواسطة التلسكوبات الأرضية.
وتمت زيارة هذين الكوكبين حتى الآن لفترة وجيزة من قبل مركبة فضائية واحدة فقط: فوياجير 2 التابعة لناسا في أواخر الثمانينيات.
ويقترح غيو: "لفهم العمليات بشكل كامل، نحتاج إلى مهمة مخصصة لرسم خريطة لبنية الغلاف الجوي العميقة وفهم الاختلاط في أجواء الهيدروجين. نبتون وأورانوس رابط مهم بين الكواكب العملاقة، مثل كوكب المشتري وزحل، والكواكب الخارجية العملاقة الجليدية التي نكتشفها في المجرة. نحتاج حقا للذهاب إلى هناك!".
المصدر: لايف ساينس