وفي مجموعة المجرات Abell 2877، الواقعة في السماء الجنوبية على بعد زهاء 300 مليون سنة ضوئية من الأرض، اكتشف علماء الفلك أحد "قناديل البحر".
ويأتي مرئيا فقط في نطاق ضيق من ضوء الراديو، ويبلغ عرض الهلام الكوني أكثر من مليون سنة ضوئية ويتضمن فصا كبيرا من البلازما فائقة الشحن، تتساقط بمخالب من الغاز الساخن.
ويتميز مظهر الهيكل الذي يشبه الهلام بأنه "شبحي" و"غريب"، وفقا لمعدي ورقة بحثية جديدة نُشرت في 17 مارس في مجلة الفيزياء الفلكية.
ومع ذلك، فإن الأمر الأكثر إثارة للدهشة من شكل هلام الفضاء، هو مدى سرعة اختفاء الهيكل عن الأنظار، على حد قول الباحثين.
وقال المعد الرئيسي للدراسة، تورانس هودجسون، من المركز الدولي لبحوث الفلك الراديوي (ICRAR) في بيرث بأستراليا، في بيان: "قنديل البحر الراديوي هذا يحمل رقما قياسيا عالميا من نوع ما. وبينما يكون ساطعا عند ترددات راديو FM العادية، عند 200 ميغا هرتز، تختفي جميع الانبعاثات. ولم يُلاحظ أي انبعاث خارج المجرة مثل هذا، يختفي في أي مكان قريب بهذه السرعة".
يسبح الكون بهياكل حيوية لا تظهر إلا في موجات الراديو، مثل المجرات الغامضة على شكل X التي تتحرك عبر الفضاء، أو تظهر النقطتان التوأم في مركز مجرة درب التبانة.
ومع ذلك، لم يُلاحظ أي هيكل بهذا الحجم في مثل هذا النطاق الضيق من الطيف الراديوي.
ووفقا للباحثين، من المحتمل أن يعني هذا أن قنديل البحر الكوني هو في الواقع طائر غريب يُعرف باسم "طائر الفينيق اللاسلكي".
ومثل الطائر الأسطوري الذي نفق في اللهب وظهر مرة أخرى من الرماد، يعد طائر الفينيق الراديوي بنية كونية ولدت من انفجار عالي الطاقة (مثل انفجار ثقب أسود)، يتلاشى على مدى ملايين السنين مع توسع الهيكل وإلكتروناته تفقد الطاقة، ثم يتم تنشيطها أخيرا بواسطة كارثة كونية أخرى (مثل اصطدام مجرتين).
ولإنشاء طائر الفينيق الراديوي، يجب أن يكون هذا الحدث الكوني الأخير قويا بما يكفي لإرسال موجات صدمة تتدفق عبر السحابة الخاملة للإلكترونات، ما يتسبب في ضغط السحابة وإشعال الإلكترونات بالطاقة مرة أخرى.
ووفقا لمعدي الدراسة، يمكن أن يتسبب ذلك في توهج بنية مثل مجموعة "قنديل البحر" بشكل ساطع في أطوال موجات راديو معينة، ولكنها تخفت بسرعة في أخرى.
وقال هودجسون: "نظرية العمل لدينا هي أنه منذ زهاء ملياري عام، أطلقت حفنة من الثقوب السوداء الهائلة من عدة مجرات نفثات قوية من البلازما".
وأوضح أن طاقة البلازما تلك تلاشت على مدى ملايين السنين، حتى "حدث شيئان مؤخرا - بدأ البلازما في الاختلاط في الوقت نفسه الذي مرت فيه موجات الصدمة عبر النظام. وهذا أعاد إشعال البلازما لفترة وجيزة، وأضاء قناديل البحر ومخالبها حتى نراها".
واستخدم الباحثون محاكاة حاسوبية لإظهار أن هذا التفسير هو قصة معقولة لأصل قنديل البحر الكبير في السماء، على الرغم من أن العديد من الأسئلة الكبيرة - مثل من أين جاءت "موجات الصدمة الخفيفة" - تظل بلا إجابة.
ويأمل الفريق في إلقاء نظرة فاحصة على قنديل البحر في المستقبل، بعد الانتهاء من مصفوفة الكيلومتر المربع - وهي شبكة من مئات هوائيات التلسكوب الراديوي المخطط لها في المناطق النائية الأسترالية.
المصدر: ساينس ألرت