وعلى الرغم من أن معظم هذه التيارات تسافر في اتجاهات متعارضة، فقد لاحظ علماء الفلك حالات تشكل فيها نمطا على شكل X في الفضاء.
وشوهدت هذه الظاهرة، على بعد 800 مليون سنة ضوئية في المجرة PKS 2014-55. وتظهر نواة المجرة، مع ظهور فصين من الطاقة في المركز، يساعدان على التوسع من خارج الثقب الأسود إلى المجرة. وبدت النواة محاطة بأربع أذرع مزدوجة شبه ملتوية ممتدة في الفضاء، مساحة كل منها تقدر بنحو 2.5 مليون سنة ضوئية، والتي انبثقت من الثقب الأسود منذ نحو 10 ملايين سنة.
واقترح علماء الفلك عددا من النظريات لمحاولة شرح سبب اتخاذ التيارات لهذا الشكل غير المعتاد.
وأشارت إحدى النظريات إلى أن التيارات تغير اتجاهها على مدى ملايين السنين نتيجة دوران الثقوب السوداء.
واقترحت نظرية أخرى أن التيارات تتشكل من مادة نجمية تسقط نحو الثقوب السوداء فقط لكي تنحرف في اتجاهات جديدة.
واقترح علماء الفلك في جنوب إفريقيا الآن، أن النظرية الأخيرة هي التفسير الأكثر ترجيحا، حيث تكشف عن كيفية "تحويل الزاوية" للتيارات الإشعاعية في الفضاء.
ووقعت دراسة هذه الظاهرة من قبل مرصد جنوب إفريقيا الراديوي لعلم الفلك (SARAO)، والمرصد الوطني الأمريكي لعلم الفلك الراديوي (NRAO) وجامعة بريتوريا وجامعة رودس.
وتم رصد هذه الملاحظات بواسطة التلسكوب الراديوي MeerKAT في جنوب إفريقيا.
وقال المؤلف الرئيسي ويليام كوتون من المرصد الوطني الأمريكي لعلم الفلك الراديوي: "إن MeerKAT هو واحد من الجيل الجديد من الأدوات التي تحل قوتها الألغاز القديمة، وهذه المجرة تُظهر ميزات لم يسبق رؤيتها من قبل بهذه التفاصيل التي لم يتم فهمها بالكامل".
ووفقا لنتائج الدراسة، فإن الشكل الغريب للمجرة يمكن أن يفسر بنظرية تعرف باسم نموذج التدفق الهيدروديناميكي"، والتي تحدث تهم الثقب الأسود المركزي للمجرة المادة لملايين السنين، حتى يمر بنوبة من "عسر الهضم" الكوني. ثم يبعث الثقب الأسود تيارات مزدوجة من المادة إلى الفضاء، تسير في اتجاهين متعاكسين بسرعة مذهلة.
وفي نهاية المطاف (بعد عشرات الآلاف من السنين)، تنفجر هذه التيارات عبر هالة المجرة، وتنتقل إلى الفضاء بين المجرات.
ويتراكم الضغط ببطء في الطائرات أثناء انتقالها إلى أبعد وأبعد خارج المجرة، ما يدفع في نهاية المطاف، بعض المواد في كل تيار إلى الانعطاف والتدفق مرة أخرى نحو المركز مرة أخرى. وتُعرف هذه الظاهرة باسم "التدفق العكسي".
ويعد التدفق العكسي شائعا في المجرات النشيطة، ولكن عادة كل ما يعيده انتفاخ المواد في منتصف المجرة، بدلا من ارتداده إلى الجانب.
وفي PKS 2014−55، تكون هالة الغبار والغاز الساخنة في المجرة مائلة بزاوية بحيث يتم "انحراف" التدفق الخلفي خارج المجرة.
وكان هذا التاريخ الكوني الطويل واضحا ببساطة من خلال النظر إلى ملامح تدفق التيارات في صورة MeerKAT.
وسمح تلسكوب MeerKAT لعلماء الفلك بمراقبة أصغر التيارات اللاسلكية بالقرب من الثقب الأسود المركزي للمجرة.
وهذه التيارات على شكل X أو المرتدة على جانبي الثقب الأسود والقرص المجري للنجوم، هي تيارات قديمة من مادة منحرفة.
ويقسّم الفلكيون المجرات إلى ثلاثة أنواع رئيسية: الإهليلجية، واللوالبية، وغير النظامية، حيث أن مجرتنا درب التبانة، هي مجرة حلزونية بأربعة أذرع دوارة تلتف حول ثقب أسود مركزي ضخم.
والمجرات الإهليلجية مستديرة إلى حد ما وغير مميزة، وعادة ما تكون مملوءة بالنجوم القديمة، ولها معدل منخفض من تكوين النجوم الجديدة.
ويمكن أن تتخذ المجرات غير المنتظمة أشكالا وأحجاما مختلفة، حتى أن بعضها يتخذ شكل حلقة.
وقالت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا: "غالبا ما تكون فوضوية المظهر، دون انتفاخ أو أي أثر للأذرع الحلزونية. إن الأشكال المختلفة وتوجهات المجرات هي نتيجة لتاريخها، والتي ربما تضمنت تفاعلات مع المجرات الأخرى".
المصدر: لايف ساينس