حركة القطارات بين أرجاء الإمبراطورية، وفضلا عن الصقيع القاتل، تعرضت لخلل غير مسبوق، نتيجة تراكم الثلوج على السكك الحديدية، الناجم عن النقص الحاد في الأيدي العاملة، حيث التحق معظم الرجال بالخدمة العسكرية لانخراط البلاد في الحرب العالمية الأولى.
الطحين في العاصمة بيتروغراد كان متوفرا، لكنها عانت نقصا كبيرا في الخبز، بفعل اضطراب حركة القطارات، الذي أدى في مارس 1917 لحدوث شح في المحروقات التي تحتاجها مخابز المدينة، ناهيك عن نقص عدد الخبازين، إذ لم يبق بيت في روسيا إلا وغادر رجاله ممن في سن الخدمة إلى الجبهة.
الحكومة المؤقتة، التي تشكلت في أعقاب تنازل القيصر، وهو الإمبراطور نيقولاي الثاني عن العرش، اضطرت في ظل هذه الظروف إلى تقنين الخبز في بيتروغراد، وهي بطرسبورغ اليوم، وحددت حصة الشخص بـ400 غرام يوميا.
الأهالي، استبقوا دخول قرار التقنين حيز التنفيذ، وراحوا يشترون ما في وسعهم من قمح ودقيق، وتشكلت طوابير طويلة عند أبواب المخابز النادرة التي كان يتسنّى لها بيع الخبز.
جورج موريس باليولوغ السفير الفرنسي لدى روسيا، كتب في مذكراته، "أنه في واحد من أيام بيتروغراد الباردة، صعق صباحا بتعابير وجوه الروس المتجهمة عند باب أحد المخابز، حيث قضى معظمهم الليل في انتظار الخبز".
الصقيع وتوقف مصنع الصلب والحديد الرئيس، حمل سكان العاصمة الروسية في نهاية المطاف على الخروج إلى الشارع، والاحتجاج في مسيرة اكتملت بمحاذاة سور المصنع في الشارع الذي سمي في ما بعد، بشارع الإضراب ولا يزال يحمل هذه التسمية إلى يومنا هذا.
كما دوّن السفير الفرنسي: "سبق لوزير الخارجية الروسي نيقولاي بوكروفسكي وأكد لي أنه لو كان وزير الداخلية الروسي يتمتع بأدنى قدر من الحكمة، لقلّلت من أهمية هذا الإضراب واعتبرته ثانويا. ماذا تنتظر من شخص يجتمع ليليا مع ظل الراهب راسبوتين؟ الليلة الماضية، قضى ساعتين وهو يستحضر روح راسبوتين".
أحداث ثورة أكتوبر الاشتراكية الروسية، استمرت منذ الـ23 من فبراير 1917 حتى الـ25 من أكتوبر من نفس العام حسب التقويم الروسي القديم، وهو اليوم الذي تم فيه اعتقال أعضاء الحكومة المؤقتة التي حلّت في السلطة محل حكومة القيصر عقب تنازله عن العرش.
ثورة أكتوبر تمّت في الـ7 من نوفمبر1917 حسب التقويم الجديد، وخلصت في اليوم المذكور إلى تسمية فلاديمير لينين رئيسا لمجالس نواب العمال والجنود الثائرين في عموم روسيا.
RT
صفوان أبو حلا