وتمت المناقشة عقب وفاة الطالب قبل الدفاع عن أطروحته، التي سجلها في القانون العام والعلوم السياسية بعنوان "التهرب الضريبي وأثره على الخزينة العامة، فلسطين نموذجا".
وفي دعوة مناقشة هذه الأطروحة، التي تمت يوم الجمعة الماضي، كتب رئيس لجنتها: "ضمن مبادرة إنسانية راقية، ستناقش أطروحة الباحث الفلسطيني الفقيد هاني دراوشة، الذي لم يمهله القدر ورحل عنا قبل سنة، عندما كانت إجراءات المناقشة على وشك الاكتمال. شكرا لكل من ساهم في بلورة هذه الالتفاتة الرمزية من إدارة جامعة القاضي عياض، وكلية الحقوق بمراكش، ومركز دراسات الدكتوراه، ومختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، والأستاذين المشرفَين وباقي الأساتذة أعضاء اللجنة العلمية".
ولم تخل هذه المبادرة من ردود فعل منتقدة، حيث قال عبد الوهاب الرامي، أستاذ جامعي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط: "تمت مناقشة بحث طالب فلسطيني لنيل درجة الدكتوراه في غيابه وهو بين يدي الله، بعد أن نفض يديه من الدنيا وكل ما فيها من مراتب وشهادات (…) نوقشت نيابة عنه رسالة دكتوراه لو كان سئل من هناك عن رغبته في أن يلتئم الأساتذة دونه لمنحه لقب دكتور، الذي بالمناسبة لم يعد لديه بريق زمان، لربما كان قال "أنا في شأن آخر، ولم يعد مطمع في مغانم الدنيا، كيفما كانت!". من هنا أول استنتاج: مناقشة عمل جامعي دون إرادة صاحبه يعد إكراها لا يقبله المنطق".
من جهته، وصف الكاتب والإعلامي الذي سبق أن درس بالجامعة محمد بوخزار ما وقع بكونه "سابقة جامعية غير مستساغة"، مضيفا: "إنها حالة إنسانية مؤثرة لكن لا راد لقضاء الله فيها، وبالتالي كان بإمكان الكلية والجامعة التفكير في وسيلة علمية أخرى لتكريم الباحث المتوفى، من قبيل الاكتفاء بنشر عمله البحثي والسعي لتداوله، بعد طبعه، على أوسع نطاق بين الجامعات، خاصة إن كان متصفا حقا بالفرادة والتميز؛ ثم تصدر الكلية شهادة تنويه بالباحث المأسوف على رحيله، وتقيم له حفلا تأبينيا لاحقا".
ونبه محمد البقالي، إعلامي وباحث حاصل على شهادة الدكتوراه، إلى ما يعكسه هذا الموعد الأكاديمي من "احتفاء معلن بالقضية الفلسطينية واستعادة لزخمها في الأوساط الأكاديمية، لأنه خلال سنوات التطبيع العجاف هذه بلغ الحماس بالبعض مبلغا أسقطهم في الإسفاف والرعونة، لذلك عندما يحدث الاحتفاء في جامعة مراكش فهذا يعني ضمن ما يعني أن زمن الحماس الأرعن الذي ركب البعض عقب التطبيع دون أن يطلب منهم أحد ذلك قد انتهى".
في غضون ذلك، قال رئيس لجنة مناقشة الأطروحة إدريس لكريني إن "الطالب الراحل وضع أطروحته التي كانت مسجلة في إطار مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات بمركز الدكتوراه لأجل عرضها على اللجنة العلمية عام 2023 بعد موافقة الأستاذة المشرفة واستكمال الشروط الإدارية، وبعد ذلك ببضعة أسابيع، أي بتاريخ 10 ماي 2023، تعرض لحادثة سير فارق إثرها حياته في فلسطين، أي في الفترة التي بدأ يتوصل فيها مركز الدكتوراه بالكلية بتقارير إيجابية بشأن الأطروحة".
وأضاف: "تقرر بعد ذلك تنظيم هذه المناقشة التي رغم بعدها الإنساني فهي لم تكن مجاملة ولم تمس بأصول البحث الأكاديمي والأمانة العلمية، وإنما شكلت مبادرة تعكس الحرص على عدم ضياع هذا الجهد العلمي، وليكون متاحا أمام الطلبة والباحثين للاستفادة منه"، مشيرا إلى أن هذه المناقشة "ليست سابقة على المستوى الوطني أو الدولي، فقد سبق تنظيم مناقشات علمية في عدد من الجامعات المغربية والعربية والدولية لباحثين فاجأهم الموت قبل الوقوف أمام لجان المناقشة"، وقدم أمثلة بجامعات بالمغرب، وأمريكا، وتونس، ومصر.
المصدر: هسبريس