لقب هذا الرجل لقصر قامته بـ"إل تشابو" وتعني "القزم"، وكان زعيما لكارتل سينالوا، وصاحب شخصية مراوغة وشديدة المكر والدهاء، وكان دخل السجن بعد أن سلمته غواتيمالا إلى المكسيك في عام 1993، وهناك أدين بتهمة الاتجار بالمخدرات والقتل، وحكم عليه بالسجن لأكثر من 20 عاما.
أجهزة الأمن المكسيكية تقول إن "القزم" استمر في التحكم وإدارة أعمال تهريب المخدرات في كارتل "سينالوا" من وراء القضبان.
ملك تهريب المخدرات، تمكن من الفرار من سجنه عام 2001 بعد أن رشى العديد من المتنفذين، ما مكنه من الاختباء في عربة للسجن كانت تحمل الغسيل المتسخ.
تقارير تقول إن 71 فردا من العاملين في السجن بمن فيهم قائد السجن، تورطوا في عملية هروب إمبراطور المخدرات الأولى، وبقي بعدها طليقا تترصده الشرطة الدولية الإنتربول، وأجهزة الأمن في المكسيك والولايات المتحدة لمدة 13 عاما.
اللافت أن "القزم" منذ بداية سجنه في عام 1993، عاش حياة مرفهة فاخرة، وأدار منظمته الإجرامية باستخدام هاتف محمول، وكان يستقبل البغايا في زنزانته، ويقيم حفلات عشاء عامرة بالأطايب.
كارتل "سينالوا" لتهريب المخدرات، تحت قيادة خواكين غوزمان كان يعتبر أكبر وأقوى منظمات تهريب الكوكايين والهيروين والماريغوانا، وكان يرسل "بضائعه" المسمومة ليس فقط إلى الولايات المتحدة، ولكن أيضا إلى 50 دولة في أوروبا وآسيا.
الولايات المتحدة كانت تتعقبه وتطالب بتسليمه إليها بعد اتهامه بتهريب المخدرات والابتزاز وغسيل الأموال والخطف والقتل، فيما مدى نفوذ امبراطور المخدرات "القزم" يظهر في إدراجه في عام 2011 في المرتبة 24 في قائمة الأشخاص الأكثر نفوذا في العالم!
التقديرات كانت تعطي كارتل "سينالوا" ربع الحجم الإجمالي للمخدرات التي تدخل الولايات المتحدة من المكسيك، في حين أن الإيرادات السنوية من تهريب المخدرات كانت تصل إلى ثلاثة مليارات دولار، ولذلك كرس "إل تشابو"، أو القزم في عام 2013، باعتباره "العدو رقم واحد" في شيكاغو، وهذه "المكانة" لم تمنح من قبل إلا إلى زعيم المافيا الشهير "آل كابوني".
في السجن، وضع تشخيص نفسي لـ "إل تشابو"، ووُصف من قبل طبيب مختص بأنه "متقوقع حول الذات، نرجسي، ذكي، مثابر، وعنيد، ودقيق وكتوم".
لم تتمكن السلطات من إعادته إلى السجن إلا في 22 فبراير عام 2014، حين تمكنت قوات خاصة من القبض عليه في أحد المنتجعات الساحلية في ولاية سينالوا، غير بعيد عن ممتلكاته الضخمة. تم ذلك بعد عمليات مداهمة واعتقالات استمرت شهورا بمشاركة عملاء مكسيكيين وأمريكيين.
في هذه المرة زُج به في زنزانة انفرادية في سجن "ألتيبلانو" شديد الحراسة والواقع بولاية مكسيكو، إلا أن ذلك لم يستمر طويلا، حيث اختفى من الزنزانة دون أي أثر ليلة 12 يوليو عام 2015.
طريقة هروب الامبراطور "القزم" في المرة الثانية تشبه سيناريوهات الأفلام البوليسية، بل وتتفوق عليها في الإثارة، حيث تم حفر نفق على عمق 20 مترا تقريبا في ذلك السجن الحصين المجهز بـ 750 كاميرا أمنية. النفق كان بطول كيلومتر ونصف وارتفاعه مترين وعرضه حوالي 80 سنتمتر، وكان مزودا بالإضاءة وبمنظومة تهوية.
خبراء ذكروا أن التخطيط وحفر مثل ذلك النفق يستغرق أكثر من عام، وهو مستحيل من دون مساعدة من داخل السجن، الأمر الذي اعترف به حينها وزير الداخلية المكسيكي ميغيل أنخيل أوسوريو، حيث أعلن فصل ثلاثة مسؤولين بما في ذلك مدير السجن.
عقب ذلك الهروب المدوي للإمبراطور "القزم" والذي قدرت تكلفته بحوالي 50 مليون دولار، وعدت الحكومة المكسيكية بأربعة ملايين دولار مقابل الحصول على معلومات من شأنها أن تؤدي إلى القبض على السجين الفار.
بنهاية المطاف، تمكنت قوات مكسيكية خاصة، بعد معركة حامية جرت في 8 يناير عام 2016، من القبض مجددا على "إل تشابو"، وأعيد بعدها إلى نفس السجن مع فرض المزيد من إجراءات الرقابة والرصد على مجار الساعة.
المصدر: RT