مباشر

إمارة "كييفسكايا روس"

تابعوا RT على
ترتبط بداية تأسيس الدولة الروسية بإمارة "كييفسكايا روس" التي كانت تقطنها الأقوام السلافية. وليس من فبيل الصدفة أن مدينة كييف تسمى بـ "أم المدن الروسية".

ويعتبر ريوريك مؤسس أول سلالة روسية حاكمة. ففي عهد خلفه اوليغ بالذات، الذي أصبح أمير كييف في عام 882، اصبحت كييف عاصمة روسية. وبفضل الوضع الجغرافي الملائم لهذه الإمارة استطاعت كييف السيطرة على التنقلات عبر نهر الدنيبر وروافده مما اتاح لها جمع الأتاوات من الاقوام السلافية المجاورة. وبالاضافة الى ذلك فان التجارة كانت تتم عبر الطريق النهري أي عبر أنهار الدنيبر وفولخوف ودفينا الغربي خلال فترة طويلة وكانت المصدر الرئيسي والشرط الوحيد لازدهار الروس القدماء. و كانت الدولة البيزنطية شريكتهم التجارية الى جانب مدن بحر البلطيق التجارية فضلاً عن الجيران المسلمين في الجنوب الشرقي.

الصلات التجارية لإمارة"كييفسكايا روس" مع الخلافة العربية
تشهد الكنوز التي عثر عليها في أراضي روسيا القديمة على التجارة النشيطة التي كانت قائمة مع التجار العرب. و كانت هذه الكنوز تتضمن أساساً دراهم صكت  في دولة الخلافة في القرون 7-10.
وكان نهر الفولغا الشريان الرئيسي الذي كانت تجري منه التجارة مع العرب. وكتب المؤرخ  ابو زيد البلخي(850 - 934) يقول أن الروس كانوا يتاجرون مع الخزر والروم ودولة البلغار(أسلاف تتار الفولغا الحاليين). وحسب تصورات العرب فان الروس كانوا شعباً تجارياً إذ كانوا يبيعون الفرو والعسل والشمع والاسلحة والسيوف والنبال والرصاص ..الخ. و أشار العالم الجغرافي والكاتب العربي بن خردبه في منتصف القرن التاسع قائلاً " أما التجار الروس فهم من الصقالبة وهم يصدرون الفرو والسيوف من أصقاع سلافونيا الى بحر الروم. واكد على أن التجار الروس ينقلون الفرو عبر الأنهار وفي بعض الأحيان ينقلون بضائعهم على الجمال الى بغداد. ولكن الصقالبة لم يورّدوا هذه السلع فقط بل وكذلك منتجات الحرفيين واحياناً العبيد. وكان القمح من أهم مواد التجارة حيث أن الحبوب كانت تزرع سواء في المناطق شبه الغابية بجنوب شرقي البلاد (القمح) أو في الشمال الغربي ( الجودار والشعير والشوفان). وكان التجار العرب بدورهم يذهبون الى كييف ومعهم سلع الترف مثل المصوغات الذهبية والفضية والخرز والاطواق. وغالباً ما كان التجار الروس يعملون كوسطاء في التجارة بين الشرق والغرب.


التأثير  الديني البيزنطي على ثقافة الروس
مارست الصلات التجارية والثقافية بين إمارة كييف وبيزنطة  دوراً مفصلياً في تطور هذه الإمارة. ففي العامين 988-989  تم اعتناق المسيحية الأرثوذكسية التي جلبت من بيزنطة في سنوات حكم الأمير المعظم  فلاديمير (980-1015). ثم ظهر فيما بعد سلك الرهبنة. وقد أصبحت الأديرة الأرثوذكسية مراكز ثقافية هامة. ففي روسيا وبتأثير الفنون التشكيلية البيزنطية أصبحت تتطور فنون رسم الايقونات والزخرفة بالفسيفساء والرسوم الجدارية. كما ظهر أسلوب كنيسي روسي خاص في الفن المعماري الكنسي المتميز بالقبة على شكل بصلة.
ظهور أول لائحة حقوقية في روسيا

في عام 1019 اصبح ياروسلاف الحكيم  ( 1019-1054)  ابن فلاديمير في منصب الامير المعظم ً بعد مصرع اشقائه في الحروب الداخلية . وفي عهد ياروسلاف تم وضع أول لائحة قانونية سميت بـ"روسكايا برافدا" (الحقوق الروسية). وقد استندت هذه اللائحة على التشريع القبائلي الصقالبي مع بعض العناصر البيزنطية. و تم توثيق نظام الوراثة في سلالة ريوريك  في عهد ياروسلاف الحكيم  وتجلى هذا النظام في نقل لقب الأمير المعظم الى الأبناء البكر في الأسرة.

وكانت السلالة الحاكمة تقيم في كييف وتفرض سيطرتها على المدن والإمارات الأخرى بمساعدة الأرستقراطية العسكرية التي كان الأمير المعظم يختار أفرادها.

وقد لعب المجلس الشعبي "فيتشه" المؤلف من ممثلي الأشراف دوراً كبيرا في قضايا الإدارة المحلية لمدن روسيا. وخلال القرن 11 كان اهالي مدينة "نوفغورود" يخرجون تدريجياً من تحت السيطرة المباشرة لإمارة كييف. ومنذ عام 1136 حين طرد مجلس (الفيتشه) امير كييف فسيفولود ترسخ حق نوفغورود  في قبول او رفض سلطة الأمراء الذين تبعث بهم كييف اليها. وكان الكسندر نيفسكي من أبرز حكام نوفغورود، حيث وقف بهمة ونشاط ضد محاولات الصليبيين للسيطرة على الأراضي الأرثوذكسية. وقد الحق نيفسكي هزيمة شنعاء بالجيش السويدي في معركة جرت عام 1240 عند نهر "نيفا" ثم هزم فرسان التفنون أثناء معركة طاحنة عند بحيرة تشودسكي المعروفة بإسم (واقعة الجليد)عام 1242.

انحلال إمارة كييف ونقل العاصمة من كييف الى فلاديمير

كان فلاديمير  الثاني الملقب بمونوماخ (1113-1125) آخر حكام كييف الأقوياء، حيث لم يقتصر حكمه على منع انهيار إمارة كييفسكايا روس، بل وصد هجمات القبائل الرحل. وبعد وفاة ابنه مستيسلاف الأول (1125-1132) بدأت هذه الإمارات بالتفكك، فانقسمت الى امارات صغيرة وعديدة. وفي عام 1169 جرى نقل العرش من كييف الى فلاديمير، حيث نشأت إمارة فلاديمير- سوزدال. وبعد ذلك بدأت تتدهور أحوال المدن التجارية الواقعة على ضفاف نهر "دنيبر" لسنوات طويلة.                       
 

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا