وقال عبد السلام إنه عقب بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا "توقعت مصادر غربية وبنوك استثمار عالمية تهاوي سعر صرف الروبل مقابل الدولار ولسنوات طويلة وحدوث اضطرابات في سوق الصرف الأجنبي الروسي يؤثر سلبا على مناخ الاستثمار ويدفع بهروب الاستثمارات الأجنبية".
وأضاف أن هؤلاء بنوا توقعاتهم على عدة معطيات منها نجاح العقوبات الغربية القاسية بحق الاقتصاد الروسي وتحطيمه وهو ما لم يحدث، وتجميد الغرب نحو 300 مليار دولار من نحو 640 مليار دولار تمتلكها روسيا في البنوك المركزية الغربية في صورة احتياطيات نقدية وذهب وعملات أجنبية، وإصرار التحالف الغربي على تجفيف منابع موارد روسيا المالية التي تستخدمها في تمويل عمليتها في أوكرانيا، وإصرار الولايات المتحدة وخلفها أوروبا على حظر استيراد النفط والغاز الروسي، وهروب الأموال الساخنة المستثمرة في السندات الروسية، لكن هذه التوقعات بشأن العملة الروسية تهاوت خلال الفترة الأخيرة، حيث صعدت العملة لتحقق أعلى مستوى لها منذ مايو 2015.
وأردف قوله: هناك عدة أسباب تقف وراء تماسك الروبل مقابل الدولار أبرزها دعم السلطات الروسية للعملة خاصة في الأيام الأولى للعملية العسكرية حتى لا تنزلق، وصمود الاقتصاد الروسي في مواجهة العقوبات الغربية، ومحدودية نجاح خطط التضييق على صادرات الطاقة الروسية من قبل الغرب مع زيادة الإقبال على النفط الروسي من قبل دول جنوب شرق آسيا خاصة الصين والهند.
وأشار إلى أن هناك سببا آخر يدعم تماسك الروبل يتمثل في صعود أسعار النفط والغاز في الأسواق الدولية، وهو ما وفر سيولة ضخمة للاقتصاد الروسي، فإيرادات روسيا من الطاقة تمثل المورد الأبرز للنقد الأجنبي حيث تتجاوز 100 مليار دولار سنويا.
وتابع أنه حسب مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف فإن روسيا حصلت على 100 مليار دولار من عائدات الوقود الأحفوري في أول مئة يوم تلت العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، بالرغم من هبوط مستوى الصادرات في شهر مايو الماضي.
وأكد أنه "وفقا لأحدث البيانات فقد أصبحت روسيا أكبر مصدري النفط إلى الصين، حيث باعت النفط الخام لبكين بأسعار تفضيلية في خضم العقوبات، وزادت الصين مشترياتها النفطية من روسيا بالرغم من انخفاض الطلب بسبب جائحة كورونا والإغلاقات وتباطؤ الاقتصاد.
ولفت إلى قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بيع الغاز إلى الدول "غير الصديقة" بالروبل وليس بالدولار أو اليورو دعم العملة الروسية.
وأوضح أن البنك المركزي الروسي أدار أزمة سوق الصرف الأجنبي بطريقة محترفة، فعقب بدء العملية العسكرية وانخفاض الروبل في الأيام الأولى اتخذ البنك قرارات عاجلة لتقوية العملة الوطنية والحد من نزيف النقد الأجنبي.
وأشار إلى أنه بين القرارات زيادة سعر الفائدة على الروبل إلى 20% مقابل 9%، ووضع قيود شديدة على عمليات تحويل الأموال إلى الخارج، ومنع الروس من تحويل أي عملات أجنبية إلى خارج البلاد، وفرض البنك حظرا على بيع الأجانب للأصول الروسية، كما أجبر المصدرين الروس على تحويل 80% من عائداتهم الدولارية إلى الروبل، مضيفا: صحيح أن معظم هذه القرارات تم التراجع عنها في وقت لاحق لكنها لعبت دورا قويا في تقوية الروبل.
وأكد أن تماسك الروبل زاد عقب التزام روسيا بسداد أقساط الديون الخارجية رغم توقعات مؤسسات التصنيف العالمية بتعثرها عن السداد، خاصة مع تجميد الغرب نحو نصف الاحتياطي الأجنبي، ورفض دول أوروبية عدة قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن الخاص بفرض حظر شامل على النفط والغاز الروسيين، وإعلان الصين، أكبر مستهلك للطاقة في العالم، أنها لا تستبعد استخدام الروبل واليوان في تعاملاتها في مجال موارد الطاقة مع موسكو بدلا من الدولار.
وأوضح أن الروبل تلقى دعما من مدفوعات الضرائب، حيث دفعت الشركات ضرائب قياسية بقيمة 3 تريليونات روبل (37.50 مليار دولار)، وهو ما سيدفع بعض الشركات العاملة في مجال التصدير والسياحة إلى بيع العملات الأجنبية للحصول على سيولة بالروبل لسداد الضرائب المستحقة عليها.
ناصر حاتم ـ القاهرة
المصدر: RT