وكشفت صحيفة "البعث" الرسمية، قصة عامل بـ"اليومية" دمّر الإرهاب منزله في منطقة حرستا، واضطر للسكن مع عائلته في منزل إيجار في أحد أحياء مدينة دمشق، ومن ثم اضطر لبيع كليته بمبلغ 30 مليون ليرة (2000ل.س= 1$ تقريبا) ليجري عملية قلب مفتوح لابنه الوحيد، وشراء الأدوية المساعدة له على الحياة، وليسدّد ما عليه من ديون متراكمة ومتفاقمة، لتتبعه زوجته بالفكرة نفسها، حيث عرضت كليتها للبيع بالمبلغ نفسه، من أجل شراء منزل صغير يمثل الخلاص من كابوس الإيجار ومصاريفه التي فاقت طاقة زوجها، ولشراء سيارة أجرة للعمل عليها، وتحقيق عائد مادي.
ولفتت الصحيفة إلى أنه من خلال استطلاع لآراء عدد من الأطباء، الذين أكدوا أن جريمة الاتجار بالأعضاء أصبحت تمارس بشكل علني أو شبه علني، وأكد بعض الأطباء أن هذه الظواهر تخفي ما هو أخطر منها، وما هي إلا طرف خيط يوصل لشبكات تشتري الأعضاء البشرية من المواطن السوري، وتبيعها داخل البلاد أو خارجها بأسعار مضاعفة بعد دفع مبلغ يعادل 15 ألف دولار ثمن الكلية الواحدة مثلا، وتستغل تلك المافيات غياب الرقابة بشكل تام!.
ومع تفشي الفقر توسّعت بشكل غير مسبوق تجارة الأعضاء البشرية في البلاد، حيث انتشر أطباء وسماسرة يقومون بإتمام عمليات البيع في المستشفيات، وذلك في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة، وقد أصبحت العملية أسهل وأرخص، للحصول على أعضاء السوريين، حيث يتمّ بيع الأعضاء عبر مافيات، ومنظمات طبية وغير طبية، بدءا من الكشف على الضحايا وصولا إلى إجراء العملية، وتكمن خطورة هذه التجارة في انتقاء الضحية، فهي تستهدف الأصحاء ومن هم في سن الشباب، لأن أعضاء المرضى غير مرغوبة لتلك المافيات التي تؤمّن الأفضل لزبونها، وتتمّ العملية عبر دول.
من جهتها أكدت المحامية، دولت إبراهيم، أن تجارة الأعضاء تشكّل جريمة وفق كل الشرائع والقوانين، وخاصة القانون السوري الذي يعتبر سلامة الأفراد من الأحكام المتعلقة بالنظام العام، والتي لا يجوز بأي حال من الأحوال الاتفاق أو التعاقد على خلافها وفق إرادة المتعاقدين، فاتفاق المتعاقدين لا ينفي وقوع هذه الجريمة، أو تذرّع الجهات الطبية بأن هذه الحالات تتمّ بالتراضي المحض بين الأفراد، وقد تمّ وضع العقوبات لكل من يقدم على تلك الجريمة، حيث يجرّم من يقوم بذلك بعقوبات جنائية تصل إلى الحكم بالسجن والأشغال الشاقة، ومادية تتمثل في دفع غرامات مالية، في حين يُسمح بالتبرع بتلك الأعضاء بالمجان دون مقابل، حيث يقرّ المتبرع لدى الكاتب بالعدل بشكل خطيّ، برغبته وموافقته على التبرع، وهذا ما يدفع مافيات الاتجار بالأعضاء إلى نشر إعلانات تبحث عن متبرعين، وليس عن راغبين ببيع أعضائهم، وهذا الأمر يشكّل أهم الصعوبات في كشف ملابسات هذه الجريمة الصامتة.
وأوضحت إبراهيم أن وجود بنك أعضاء، كما في الدول الغربية، سيخفّف كثيرا من هذه الظاهرة من خلال الاستفادة من حالات الوفاة الدماغية، أو حتى الاستفادة من أعضاء المتوفين حديثا بحيث يستطيع من يحتاج عضوا أن يلجأ إلى البنك، ويحصل عليه بدلا من الشراء من أصحاب المافيات، وبحكم القانون الذي يعتبر المتوفى متبرعا بأعضائه، ما لم تكن وصية المتوفى عكس ذلك.
المصدر: صحيفة البعث