من بين تلك الأساطير، ما يعتقد أن الشقيقين الحاكمين الوثنيين لمدينة كييف، دير وأسكولدا، كانا من أوائل من اعتنق الدين المسيحي، وذلك بعد محاولة جيشهما فتح القسطنطينية، وإحكامهما حصارا حولها عام 866، بينما أفلتت المدينة من الحصار بفضل أيقونة مريم العذراء، التي جاء بها البطريرك فوتيوس، وخرج بها على الجنود الروس، مقترحا عليهم إرسال مطران إلى كييف. وبعد أن وصل المطران إلى الأراضي الروسية لم يؤمن به السلافيون، ولم يتبعوا دينه، وطالبوه بمعجزة، فرمى المطران بنسخة من الكتاب المقدس إلى النار فلم تحترق.
لاحقا، اعتنقت أولغا ( 920-970)، جدة الأمير فلاديمير(960-1035)، الدين المسيحي سرا، لشيوع الوثنية بين كافة المحيطين، ومن بينهم ابنها سفياتوسلاف. أما الحفيد، فلاديمير، الذي أراد اختيار دين لشعبه، تسير عليه أجيال فيما بعد، ويؤمنون به، فقد وجد نفسه أمام خيار صعب بين الديانات الإبراهيمية الثلاث:اليهودية، والمسيحية، والإسلام.
كان البلغار، من بلاد البلغار على نهر الفولغا هم أول من حاولوا إقناع الأمير في كييف بدينهم، وفقا لـ "أسفار دير القديس هيباتيوس" القديمة. وكانت بلاد البلغار آنذاك (وليس بلغاريا الحالية، وإنما دولة كانت تقع على نهر الفولغا شمال شرقي دولة كييف الروسية) مجاورة لدولة كييف، واعتنقت الإسلام حكاما وشعبا عن طريق التجار العرب المسلمين في القرن التاسع الميلادي، وأقامت علاقات جيدة مع دولة الروس وازدهرت بينهما التجارة.
وبعث حاكم بلاد البلغار بوفد إلى قصر الأمير، فطلب منهم فلاديمير أن يشرحوا له مغزى دينهم، فقالوا إنهم موحّدون بالله ويؤمنون برسوله محمد، فسألهم: وأي العادات تتبعون، وما هي قوانينكم التي تلتزمون بها، فأجابوا: حرّم علينا ديننا أكل لحم الخنزير وتناول المشروبات الروحية.
فما كان من الأمير فلاديمير إلا أن قال أنه وجنوده معتادون على شرب منقوع العسل، وهو مشروب روسي، يسليهم ويسري عنهم، ورفض اعتناق الإسلام.
ثم جاء إليه وفد من دولة الخزر اليهودية، اقترحوا عليه اعتناق الدين اليهودي، فرفض فلاديمير، لأنهم لا يملكون وطنا يعيشون فيه، وخشي أن يعتنق ديانتهم، فيفقد شعبه هو الآخر وطنه.
ثم تأخر وفد روما على فلاديمير، لأسباب مجهولة، فاتخذ فلاديمير قرارا باعتناق الدين المسيحي على مذهب القسطنطينية، واعتنقت بلاد الروس "إمارة كييف" الدين المسيحي عام 988 في مدينة خيرسونيس، بشبه جزيرة القرم.
المصدر: RT