فاجأ قرار بريماكوف الحاد كثيرين في الولايات المتحدة حيث اعتادت واشنطن على أن تقول موسكو "نعم" لكل مبادرة أمريكية، خاصة وأن الاحتجاج الروسي جاء بعد سنوات من محاولات الدبلوماسية الروسية، في نهاية "الحرب الباردة" بناء علاقات جديدة مع الناتو على أساس مبادئ الشراكة الاستراتيجية.
كما تعرض بريماكوف أيضا لانتقادات لاذعة داخل روسيا ذاتها، حيث لامه البعض على عدم انتهازه فرصة إدانة عدوان الناتو ضد يوغوسلافيا من منبر مجلس الأمن الدولي، فيما انتقده البعض الآخر على عدم مراعاة مصالح روسيا الوطنية، نظرا لحاجة البلاد إلى القروض الغربية.
مع ذلك، فقد لقي موقف بريماكوف تأييدا من الرئيس بوريس يلتسين الذي اعتبر أن خطوة بريماكوف حملت الناتو على البدء بتسوية النزاع في يوغوسلافيا بطرق سياسية.
لا شك أن خطوة بريماكوف دشنت بدء تغيير مسار سياسة موسكو الخارجية من "التراضي" مع الغرب باتجاه الدفاع عن مصالح روسيا الوطنية حتى على حساب العلاقات الودية مع الغرب إذا لزم الأمر.
وليس مصادفة أن استذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، "واقعة بريماكوف" في كلمته الشهيرة أمام مؤتمر الأمن في ميونخ، عام 2007.
حينها أعاد بوتين إلى الأذهان أن العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة أخذت تتدهور منذ الحرب على يوغوسلافيا وأضاف: "لم أكن رئيسا لروسيا في ذلك الحين، ولست أنا الذي قرر العودة بطائرته فوق الأطلسي وإلغاء زيارته إلى الولايات المتحدة. من عاد بالطائرة هو بريماكوف".
يجدر الذكر أن الرجل الذي دشن بقراره، في عام 1999، أساسا لفلسفة سياسية جديدة في روسيا، فلسفة قبول تعددية الأقطاب في العالم ورفض لغة الإملاءات والإكراه في العلاقات الدولية، لم يكن يعتبر خطوته تلك بطولية.
وقال بريماكوف في إحدى مقابلاته الصحفية: "إنه تصرف طبيعي جدا من قبل إنسان يعتبر أنه لا ينبغي عليه أن يشجع العدوان بحضوره في مكان معين أو بزيارته. كل ما فعلته أن أديت وظيفة كان على أي رئيس وزراء أن يؤديها.. وأنا أعتقد أننا اتخذنا حينها موقفا صائبا".
المصدر: RT