سنبحث اليوم الجدال القائم بين أنصار نظرية التطور ، وخاصة فيما يتعلق بأصل الإنسان، ومؤيدي فكرة الخلق في الشكل النهائي"؟ لماذا تكتسب هذه المسألة في الوقت الحاضر صدى اجتماعيا واسع النطاق بحيث وصل الأمر إلى أن البعض في عدد من مدارس روسيا والغرب بدأ في التفكير بجدوى تدريس أسس نظرية داروين؟ وهكذا فإن نظرية التطور هي الموضوع الذي سيناقشه ضيوف برنامج " بانوراما".
معلومات حول الموضوع:
قبل قرن ونصف اثارت نظرية التطور التي جاء بها العالم البيولوجي الإنجليزي تشارلز داروين في كتابه "اصل الأنواع" الدهشة في الأوساط العلمية الى جانب الإستنكار الشديد من قبل الكثيرين من انصار نظرية الخليقة الإلهية ونزول آدم أبي البشر. ومن ذلك الحين لم تتوقف المجادلات الحادة في الغرب حول نظرية التطور الداروينية. فإن الوجوديين القائلين بخلق العالم والمتمسكين بنظرية الخليقة الإلهية والوجود المخلوق بشكله الناجز يعتقدون ان الإنسان والطبيعة والكائنات الحية عموما هي من خلق الله.
اما الداروينيين فيعتبرون ان الأنواع الحالية من الحيوانات والنوع البشري او الإنسان في مظهره المعاصر انما نشأت بالتدريج على مدار ملايين السنين بفعل مختلف العوامل والمؤثرات المتعلقة بالبيئة الخارجية.
والأكثر من ذلك ان الجدل بين انصار نظرية التطور وانصار الخليقة الإلهية يتخذ حدة وصدى اجتماعيا متزايدا، حتى مُنعت الداروينية عموما في عدد من الدول، فيما تتعالى في دول اخرى، ومن بينها روسيا والولايات المتحدة واقطار اوروبا الغربية، مطالبات متكررة بتقليص او حتى منع تدريس نظرية التطور في المدارس . في عام الفين وخمسة فُرضت غرامة على خمسة معلمين بمدرسة ابتدائية في مدينة مرسين التركية عقابا لهم على تدريس نظرية التطور و"اهانة المشاعر الدينية للتلاميذ" من خلالها. وكان إمام مسجد المدينة قد اشتكى على هؤلاء المعلمين عند وزارة التربية والتعليم. وتلك هي اول حالة معروفة يعاقب فيها المعلمون في دولة علمانية رسمياً مثل الجمهورية التركية بناء على شكوى من رجال الدين. و مما يزيد في الطين بلة ان بعض العلماء والباحثين في ميدان العلوم الطبيعية اخذوا يعارضون نظرية داروين. في الحال الحاضر اكثر من ستمائة عالم بارز في البيلوجيا والكيمياء والفيزياء والرياضيات من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية ، ومنها روسيا، وجهوا نداء الى علماء العالم يناشدونهم فيه التخلي عن مبادئ نظرية التطور التي صاغها داروين واتباعُه.