نائب وزير الخارجية ومبعوث الرئيس الروسي يتحدث لقناة "روسيا اليوم" عن نتائج أنابوليس.
في لقاء مع "روسيا اليوم" تحدث نائب وزير الخارجية الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط ألكسندر سلطانوف عن النتائج الحقيقية لمؤتمر أنابوليس وآفاق التسوية الشاملة على جميع المسارات، والتحضيرات للجولة الثانية المقرر عقدها في موسكو. فقال سلطانوف أن اللقاء الدولي في أنابوليس، أو ما يسمى بمؤتمر التسوية الشرق - أوسطية، أصبح حدثا هاما بلا شك، لأنه خلال سنوات عديدة لم يكن هناك تقدم حقيقي في الطريق إلى إعادة عملية التسوية العربية - الإسرائيلية. وصار المؤتمر نقطة انطلاق تفتح الطريق نحو إجراء مباحثات مباشرة في أهم المسارات، ألا وهو المسار الفلسطيني - الإسرائيلي. لقد كان الطريق صعبا، ولكن المهم أن المؤتمر قد انعقد.
إلى ذلك أشار إلى ظهور آفاق لبدء حديث جوهري حول كيفية التحرك نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة، أي نحو إحقاق الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، وإقامة الدولة التي ستتعايش في سلام ووفاق وأمن إلى جانب دولة إسرائيل. وشدد على ضرورة الإدراك الكامل بأنه حتى بعد مؤتمر أنابوليس لن يصبح الطريق سهلا، لأن هناك خلافات كثيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين من حيث حل القضايا الملموسة الخاصة بجوهر التسوية الفلسطينية.
ودعا سلطانوف إلى أهمية تمسك كلا الطرفين بالأسس القانونية المعترف بها دوليا في تسوية القضية الفلسطينية. كما أنه من المهم أيضا اتخاذ الإجراءات التي تساعد على إقامة الثقة وإبداء الإرادة الطيبة والنوايا الحسنة للبحث عن حلول وسط ترضي كلا الطرفين. ومن الواضح، حسب رأيه أن هذه المهمة غير سهلة. ولكن وجود الأطر الزمنية المتفق عليها للمباحثات لها أساس جيد للتوصل إلى اتفاق خلال سنة واحدة تقريبا. وأشار في الوقت نفسه إلى أن إحدى أهم النتائج، رغم تركيز مؤتمر أنابوليس على المسار الفلسطيني، تتمثل في أن الحديث دار بوجه خاص حول كيفية القيام بالتسوية العربية - الإسرائيلية الشاملة.
وفي ما دعا نائب وزير الخارجية الروسي إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في أنابوليس، قال إن الأمر يتعلق بالإرادة السياسية لكلا الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي. فبدون ذلك لا يمكن الالتزام بأية أطر زمنية. أما تزامن هذه الأطر مع انتهاء ولاية الإدارة الأمريكية الحالية فهذا شيء طبيعي وتهتم به جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الدول العربية والمجتمع الدولي، لأن المرحلة الانتخابية وما يليها من التغيرات في الإدارة الأمريكية بعد الانتخابات قد تؤثر على سير عملية السلام، إذ تحدث فواصل في النشاط السياسي الخارجي أثناء مرحلة الانتخابات بشكل أو بآخر خاصة في منطقة الشرق الأوسط. وقد حصلت مثل تلك المواقف سابقا. لذلك هناك صلة موضوعية واضحة بين هذه الأطر الزمنية والمجريات المرتقبة على الصعيد السياسي في الولايات المتحدة. وأعرب عن اعتقاده بضرورة الالتزام بالأطر الزمنية. اذ لا يمكن حدوث فاصل طويل جديد، لأن الكثيرين يعتقدون أن هذه الفرصة هي من الفرص النادرة لإطلاق المسيرة نحو السلام في المنطقة. ولا يمكن تفويت هذه الفرصة أبدا.
وحول التناقضات الفلسطينية - الفلسطينية، أكد سلطانوف أن روسيا وقفت وتقف، وسوف تقف إلى جانب إعادة الوحدة الفلسطينية. وقال "من الواضح لنا، كما هو واضح للكثيرين في المنطقة العربية وخارجها، أنه بدون هذه الوحدة من الصعب تنفيذ الاتفاق، في حال الوصول إليه، بين الإدارة الفلسطينية وإسرائيل في ظل انقسام فلسطين إلى قسمين عمليا. السبب بالذات هو أننا ننطلق من ضرورة مواصلة الجهود الرامية إلى إجراء الحوار بين الإدارة الفلسطينية وقيادة حماس. وبقدر ما نفهم، تحاول بعض الدول العربية أن تساعد على إجراء هذا الحوار. فنحن نؤيد مثل هذه الجهود، نحن من جانبنا وبقدر إمكانياتنا سوف نبذل الجهود لإعادة الوحدة الفلسطينية، وذلك قبل كل شيء من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني".
وردا على سؤال حول ضرورة التسوية ليس فقط على المسارات الثلاثة، وإنما بشكل شامل وتام، أكد نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر سلطانوف أن هذا الجانب يعتبر من مقومات إنجاح مؤتمر أنابولس. أي ضرورة إدراج البند الخاص بالتسوية الشاملة، الأمر الذي شجع السعودية على سبيل المثال على المشاركة البناءة والمعنية في المؤتمر.
وفي ما أشار إلى أن روسيا ساهمت كثيرا في وضع مثل هذه الصيغة لجدول الأعمال وقائمة الأطراف المشاركة، أعرب عن قناعته بأنه لا يمكن التوصل إلى سلام وطيد في الشرق الأوسط دون تسوية كاملة وشاملة في المسارات كافة: المسار الفلسطيني الإسرائيلي والسوري الإسرائيلي واللبناني الإسرائيلي، والمسار المتعدد الأطراف أيضا. واعتبر أن العملية انطلقت وكانت أنابوليس إحدى محطاتها، والمحطة القادمة هي اجتماع الدول المانحة في باريس في 17 ديسيمبر الجاري، حيث سينعقد الاجتماع الوزاري للدول الأعضاء في لجنة الوساطة الدولية الرباعية.
وحول لقاء موسكو، قال الدبلوماسي الروسي أنه سيأتي بعد كل تلك المحطات، مشيرا إلى أن الجميع تقريبا يؤيدون فكرة عقد اجتماع موسكو. ورأى ضرورة البدء في الحديث عن التسوية الشاملة في كل اللقاءات التالية. معتبرا أن مثل هذا الحديث سيكون مفيدا ليس لتطبيع الأوضاع في الشرق الأوسط بشكل عام فحسب، بل ولجعل عملية التفاوض الفلسطيني - الاسرائيلي عملية مستقرة.
وفي ما يتعلق بالتنسيق بين روسيا والأطراف الأخرى، قال إن روسيا تناقش مع شركائها في الرباعية الدولية ولجنة جامعة الدول العربية لمتابعة المبادرة العربية السلمية والأطراف المعنية المباشرة إمكانيات استئناف عملية السلام الشاملة والحقيقية في المنطقة. وفي إطار تبادل وجهات النظر سيتم وضع جدول أعمال اجتماع موسكو وتحديد الموعد. وأضاف أنه "من وجهة نظرنا يجب أن يركز اجتماع أو مؤتمر موسكو على تحليل المفاوضات وتقييم سيرها على المسار الفلسطيني - الإسرائيلي، بل ومن المهم أن يُطلق الحوار في كل من المسارين السوري الإسرائيلي واللبناني الإسرائيلي ويفتح المجال لمناقشة بعض عناصر استئناف المفاوضات المتعددة الأطراف. وهذا كله يحتاج إلى المناقشة مع شركائنا".