كتب سكوسيريف:
تتزامن زيارة رئيس الحكومة اليابانية شينزو آبي إلى الهند مع البدء في بناء خط سكك حديد للقاطرات السريعة يربط بين مدينتي مومباي وأحمد آباد. وهذا يعني أن دلهي وطوكيو تعززان تعاونهما في مجالي الدفاع والذرة للأغراض السلمية. كما تخططان بجهود مشتركة لتنفيذ مشروع ممر التنمية في منطقة المحيط الهادئ الآسيوية وإفريقيا؛ ما يمكن أن يصبح بديلا عن مشروع طريق الحرير الصيني، ويعوق بكين عن الهيمنة في آسيا وإفريقيا.
ويمكن مقارنة مستوى العلاقات اليابانية–الهندية بالعلاقات الهندية–الروسية، وخاصة أن قادة الدولتين يتبادلون الزيارات سنويا، وهما تعدَّان علاقاتهما استراتيجية.
وتشير الزيارة الحالية لرئيس الحكومة اليابانية إلى أن اليابان لم تكتف بتأكيد مشاركتها في تصنيع الهند. فقد أكد نائب وزير خارجية الهند سوبرامانيام جايشانكار أنه سيتم خلالها توقيع عدد من الاتفاقات، بما فيها حول التعاون البحري وفي مجالي الطاقة الذرية والدفاع.
كما تقترح طوكيو ودلهي مشروع تنمية لمنطقة المحيط الهادئ الآسيوية وإفريقيا عبر بناء بنى تحتية عالية الجودة في بلدان آسيا وإفريقيا. وبحسب سوبرامانيام جايشانكار، فإن التقارب بين مواقف البلدين في المحافل الدولية يساعد على نجاح هذا المشروع.
وتعلق صحيفة "Straits Times"، التي تصدر في سنغافورة، على هذه التصريحات بأنها تأتي "على خلفية تعاظم عدوانية الصين في المنطقة وخارجها في المياه الإقليمية والنزاعات البحرية، حيث تسعى اليابان والهند لإرسال إشارة واضحة إلى بكين بأنهما ستؤازران بعضهما بعضا".
لذلك، فإن لقاء آبي ونظيره الهندي ناريندرا مودي يتمتع بأهمية خاصة، لأنه يأتي على خلفية وقوف اليابان إلى جانب الهند في نزاعها الحدودي مع الصين.
وأما مشروع ممر التنمية في منطقة المحيط الهادئ الآسيوية وإفريقيا الياباني–الهندي المشترك، فهو محاولة لموازنة المشروع الصيني–الباكستاني، الذي يربط المنطقة الغربية للصين ببحر العرب.
السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ستحصل الهند على مساعدات مالية وتقنية من اليابان لتطوير بناها التحتية؟ وكذلك: كيف يمكن لهذه الدولة الفقيرة أن تشارك في هذا المشروع؟ والجواب يكمن جزئيا في أن المشروع يكلف 40 مليار دولار، منها 30 مليارا ستقدمها اليابان خلال ثلاث سنوات، والهند 10 مليارات خلال خمس سنوات.
يقول المدير العام لمركز دراسة نظم المعلومات في البلدان النامية ساتشين تشاتورفيدي إن هناك فرقا كبيرا بين المشروع الصيني "طريق واحد، حزام واحد" والمشروع الياباني–الهندي. فالأول مبني على خطة أعدها المركز. أما الثاني فيهدف إلى ربط أقطاب مختلفة للتنمية، وليس إنشاء مشروعات كبيرة وفقا لخطة وضعت مسبقا.
والمسألة الأخرى تتمثل في أن البلدين سينسقان نشاطهما في إفريقيا مع جهود الولايات المتحدة. وهذا يعني تشكيل تحالف ثلاثي غير رسمي، حيث إن البلدان الثلاثة تشارك دوريا في مناورات بحرية-عسكرية مشتركة، والهند بدأت تشتري أسلحة أمريكية، والأميرالات الأمريكيون يدعون إلى قيام السفن الحربية الأمريكية-اليابانية-الهندية بدوريات مشتركة في بحر الصين الجنوبي. ألا يعني هذا أن الهند بدأت تدريجيا تنحرف عن سياسة الحياد وتقترب من خصوم الصين جيوسياسيا.
يقول المحرر-المستشار في مجلة استراتيجية الهند، فيناي شوكلا إن "الحديث ليس عن انحراف الهند، التي تبحث عن دور جدي لها في النظام العالمي الجديد. ففي فترة الحرب الباردة كانت تتعاون مع الاتحاد السوفياتي، والآن اختلف الوضع، حيث تظهر تهديدات وتحديات جديدة، مثل النزاع الحدودي مع الصين، أو توسع التعاون الصيني–الباكستاني. ومن جانب آخر تدرك الهند ألا بديل عن التعاون مع الصين. لذلك، فإن سياستها متوازنة".
ترجمة وإعداد كامل توما