جاء في المقال:
قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة قصيرة إلى منتجع سوتشي الروسي لتقاسم مخاوفه مع الرئيس فلاديمير بوتين إزاء الدور المتنامي لطهران وتعزز موقعها في سوريا وعموم الشرق الأوسط. واصطحب نتنياهو إلى هذا اللقاء رئيس الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين، إضافة الى رئيس مجلس الأمن القومي مائير بن شبات.
وفي إطار اللقاء، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي "الإمساك بالمشكلة من قرونها"، وأشار إلى تنامي دور إيران في سوريا، وما يمثله من خطر على إسرائيل والشرق الأوسط والعالم كله. ووفقا لقوله، فإن إيران لم تعد تسيطر على لبنان فقط، بل وأصبح لها نفوذ قوي في العراق واليمن. وقد اتفق نتنياهو مع بوتين على أهمية بذل الجهود المشتركة للانتصار على الإرهاب متمثلا بتنظيم "داعش" وغيره في المنطقة. لكنه أضاف أن "الشيء السلبي في هذا الأمر، هو أن إيران تتقدم إلى تلك المناطق، بعد دحر "داعش" عنها واختفاء الإرهاب منها"، كما نقلت وكالة تاس عن لسان نتنياهو. وقال: "نحن لا يمكن أن ننسى ولو للحظة أن إيران تؤكد كل يوم أنها ستدمر إسرائيل، وتسلح المنظمات الإرهابية، وتحرض على الإرهاب وتبادر إليه".
ومن الجدير بالإشارة إن لقاءات عديدة جمعت الزعيمين الروسي والإسرائيلي على مدى العامين الماضيين، لبحث القضايا التي تهم البلدين. وقد أثير في أثنائها موضوع وجود العسكريين الإيرانيين ومقاتلي "حزب الله"، الذين يقاتلون إلى جانب الرئيس بشار الأسد.
أما في هذه المرة، فحضر نتنياهو إلى سوتشي لكي يلفت انتباه فلاديمير بوتين إلى أسباب رفض إسرائيل القاطع لاتفاقية وقف إطلاق النار في منطقة وقف التصعيد، التي تم الاتفاق عليها بين الرئيسين الروسي والأمريكي على هامش قمة العشرين في هامبورغ، والتي شملت محافظات درعا، السويداء والقنيطرة، بما في ذلك المناطق المتاخمة للحدود الإسرائيلية-الأردنية، والتي أصبحت نافذة المفعول منذ 09 يوليو/تموز الماضي.
وترى تل أبيب أن اتفاق هامبورغ لم يعكس بما فيه الكفاية مصلحة الأمن الإسرائيلي والعامل الإيراني، أخذا بالاعتبار مدى تأثير طهران في الوضع بسوريا بعدا انتهاء الحرب الأهلية. والحديث الذي يدور هنا ليس فقط عن ضرورة عدم الاقتصار على منع وجود فيلق حرس الثورة الإسلامية والميليشيات الشيعية و"حزب الله" اللبناني على مقربة من حدود إسرائيل، بل وعن منع بقاء قوات إيرانية في جميع أنحاء سوريا عموما، لأن هذا الوجود كما يرى الإسرائيليون يمنح طهران الفرصة لتطوير برنامجها النووي من سوريا.
وحول سؤال الصحيفة عن سبب إدراج نتنياهو في قائمة الوفد الإسرائيلي رئيس الموساد، قال المحلل السياسي الإسرائيلي بيني بريسكين إن "وجود يوسي كوهن كان ضروريا في لقاء سوتشي كشخص مهني في مجال الأمن وقادر على إعطاء صورة أفضل عن أحداث المنطقة. ونتنياهو أراد أن يسمع بوتين من فمه أسباب مخاوف إسرائيل. وكوهين نقل إلى القيادة الروسية تلك المعلومات الاستخبارية–السرية، التي تشير إلى أن إسرائيل لا تدق طبول الخطر عبثا. وإن بوتين، بناء على هذه المعلومات، يجب أن يتفهم أكثر موقف إسرائيل ويتخذ قرارات صائبة".
بريسكين يشك في احتمال تسرب معلومات عن تفاصيل المحادثات في اجتماع سوتشي إلى الصحافة؛ مضيفا؛ أن إسرائيل تفهم جيدا في الوقت نفسه أن الطرفين لا يمكن أن يتفقا على جميع القضايا المدرجة على جدول الأعمال بنسبة 100%، ولكن المهم أن يكون هناك تنسيق مستمر بين الدولتين.
ويلفت بريسكين الانتباه إلى أن إسرائيل تستطيع لعب دور قناة اتصال إضافية بين الكرملين والبيت الأبيض، في ضوء الأزمة الشديدة في العلاقات الروسية–الأمريكية، ولا سيما أن "وفدا أمريكيا يضم مستشار وصهر الرئيس ترامب جاريد كوشنر والممثل الخاص لدونالد ترامب في المفاوضات الدولية جيسون غرينبلات سيزور إسرائيل خلال الأيام المقبلة". وإن التقارب في الوقت بين زيارة المبعوثين الأمريكيين إلى إسرائيل واجتماع سوتشي يوحي بإمكانية نقل رسائل عبر الطرق غير المباشرة".
ترجمة وإعداد: ناصر قويدر