كتب ستروكان:
أصبحت اضطرابات أسواق آسيا الناجمة عن التهديدات المتبادلة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة أمر اعتياديا. وإن إعلان بيونغ يانغ عن إمكان توجيه ضربة صاروخية إلى القاعدة العسكرية الأمريكية في جزيرة غوام، ورد دونالد ترامب بأن كوريا الشمالية وليس الولايات المتحدة ستواجه "نارا وغضبا" لا نظير لهما، قد يتطوران إلى أكثر من حرب دعاية كلامية.
وإن كل من يعتقد أن زعيم كوريا الشمالية المنفلت من عقاله هو الذي سيبادر إلى إشعال هذه الحرب سيكون مخطئا، لأن كوريا الشمالية تتاجر بالتهديدات، ولكنها تفضل عدم تجاوز "الخط الأحمر"، لأن التجاوز ليس فقط سيئا بل هو انتحار.
بيد أن الرئيس الأمريكي أمر مختلف، لأن التنبؤ بتصرفه غير ممكن، مقارنة بكيم جونغ أون، وخاصة أن تصريح وزير خارجية الولايات المتحدة ريكس تيلرسون بأن "الأمريكيين يستطيعون النوم بسلام في الليل" بالكاد يمكن الأخذ به على محمل الجد. فالوزير بصراحة لا يستطيع تحديد فترة "النوم بسلام" في عهد الرئيس ترامب. وهل سيبقى وزيرا للخارجية في السنة المقبلة إذا أخذنا بالحسبان تطور الوضع في واشنطن.
أما السيناتور جون ماكين فكان أكثر دقة في تقييمه، حيث حاول تحذير ترامب من تسوية مشكلة تهديدات كوريا الشمالية باستخدام "النار والغضب".
هذا، وإلى وقت قريب كان يسود اعتقاد بأن الولايات المتحدة في جميع الأحوال لن تجازف بتوجيه ضربة إلى كوريا الشمالية، لأن كوريا الجنوبية هي رهينة لدى بيون يانغ، حيث إن بطاريات مدفعية كوريا الشمالية المخفية في الجبال قادرة على تحويل سيئول إلى أنقاض. لذلك بالذات، لن تغامر الولايات المتحدة باتخاذ هذا الإجراء لأنها بهذا توقع حكم الإعدام بحق حليفها الآسيوي.
ولكن دونالد ترامب برهن مرات عديدة على أن هوايته المفضلة هي انتهاك القوالب النمطية والمحرمات، والطرح جانبا بتلك الحالات التي تعد وفق المنطق الاعتيادي من العقل السليم.
فترامب ليس سياسيا تقليديا في فهمه للسياسة الأمريكية والتزامات واشنطن أمام الحلفاء. أي هو يجمع بين مُخرج بنفسه لنفسه وفارس من دون عقل في شخص واحد. وهو مثل المخرج الذي فقد عقله، ولكنه لا يريد أبدا الترجل وفقد حصانه.
هنا نصل إلى المسألة الرئيسة - لماذا يمكن أن يشكل ترامب خطورة، ولماذا تقييم ماكين للوضع حول كوريا الشمالية هو أكثر دقة من تقييم تيلرسون؟
يزعم الزملاء الأمريكيون أكثر فأكثر أن تقلص دور ترامب في السياسة الأمريكية المطرد لن يوقفه سوى الانتصار في حرب سريعة. وترامب كـ "رجل أعمال براغماتي" يستطيع إقناع نفسه بأنه يتصرف بشكل عملي وعقلانية بضربه عصفورين بحجر واحد. فيظهر زعيما للأمة مع أنه لم يسبق له أن كان كذلك، وينقذ العالم من النظام الكوري الشمالي.
وهذا ما حصل مع جورج بوش الابن الذي سرق الرئاسة من ألبرت غور، حين لم يأخذه الكثيرون في البداية على محمل الجد في واشنطن. ولكنه بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 ومن بعدها الحملة العسكرية التي أطاحت نظامَ طالبان في أفغانستان، حصل على دعم كامل من الكونغرس، بعد أن كان يثير اشمئزاز العديدين.
أي ليس مستبعدا أن يحاول ترامب تكرار تجربة الرئيس الجمهوري السابق، لكي يثبت شرعية رئاسته، وأنه لم يختلسها من هيلاري كلينتون، ولأجل ذلك سيقوم بمغامرة في شبه الجزيرة الكورية أو في الشرق الأوسط.
لذلك ليست حمى البورصة عبثا في ظل الرئيس ترامب، لأن حصول الاضطرابات الرئيسة قد يكون فيما بعد.
ترجمة وإعداد: كامل توما